رتبت الكنيسة بإلهام الروح القدس، قراءات آحاد شهر كيهك، فجاءت بحكمة بارعة تشرح في تسلسل مبدع قصة خلاص الإنسان.
قراءات الأحد الأول
V مزمور عشية:
إلى متى يارب تنسانى؟! إلى الانقضاء؟! حتى متى تصرف وجهك عنى؟ "انظر واستجب لي ... أنر عيني" (مز 3:13).
هذه هي صرخة البشرية، وهى تئن متوقعة مجيء الفادى الشافي .. لقد أخذنا الوعد منذ آدم: أن يأتي المسيح ليشفى طبيعتنا، وها قد مرت آلاف السنين ولم يأت بعد .. فحتى متى يارب تنساني؟ أنظر واستجب لي، أنر عيني؛ لأنني في ظلام الجهل والخطية، التي أعمت عيناي. لقد بلغت البشرية قمة احتياجها للمسيح، لذلك فهي تصرخ بأنين عميق تطلب سرعة مجيئه لينقذها.
V إنجيل عشية:
يتكلم عن المرأة التي جاءت إلى بيت سمعان الأبرص، ومعها قارورة طيب نادرين خالص كثير الثمن، وسكبته على رأس المسيح وهو متكئ.. ومن الضروري أن نلاحظ أن هذه المرأة غير التي سكبت الطيب على قدمى المسيح، في بيت سمعان الفريسى .. فنحن الآن أمام امرأة فاضلة (مدحها المسيح) تسكب الطيب على رأس المسيح، في بيت رجل نجس (الأبرص). أما القصة الأخرى فهى امرأة خاطئة سكبت الطيب على قدمى المسيح، في بيت رجل بار فى عينى نفسه (فريسى).
فالمرأة القديسة التى سكبت الطيب فى بيت النجس، هى رمز وإشارة للعذراء الطاهرة القديسة مريم، التى تقابلت مع السيد المسيح فى بيت البشرية النجسة.. فسكبت على رأسه قارورة طيب حياتها وبتوليتها مثل "الطيب على الرأس، النازل على اللحية، لحية هارون (المسيح)، النازل إلى طرف ثيابه" (مز 2:133) فامتلأ البيت .. كل البيت (الكنيسة) من رائحة طيب فضائلها وبتوليتها.
كانت العذراء شمعة مضيئة وسط ظلام الكون الفسيح.. جاء إلى نورها، "النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتياً إلى العالم" (يو 9:1).
فبينما كانت كل البشرية تصرخ: "حتى متى يارب تنسانى" .. كان هناك أمل صغير، يتعلق بفتاة عذراء فقيرة يتيمة، ولكنها اغتنت بالروح، وامتلأت بالنعمة، فصار الأمل الصغير خلاصاً عظيماً بهذا المقدار.
V وفى باكر:
(الأحد الأول) يجيب الله على سؤال المساء (حتى متى؟) فيقول المزمور: "نظر الرب من السماء على الأرض ليسمع تنهد المغلولين (المربوطين) ليخبروا فى صهيون باسم الرب، وتسبحته فى أورشليم"، نحن نصرخ ليلاً (فى العشاء يحل البكاء)، والرب يجبينا نهاراً (وفى الصباح السرور). البشرية تصرخ فى ظلامها وفشلها وضلالها، والرب يشرق علينا بنوره العجيب، فيجعل ظلمة الضلالة التى فينا تضئ من قِبلّ مجىء الابن الوحيد بالجسد .. وصراخ البشرية الذي سمعناه في العشية، يصفه مزمور باكر بأنه تنهد (أنين) ليشرح الحالة التى وصلت إليها البشرية من عجز وانعدام قدرة فصار صراخها أنيناً.
V وفى إنجيل باكر:
يشرح لنا قصة الأرملة الفقيرة التى ألقت الفلسين .. هذه الأرملة هي رمز للبشرية، التي كانت في اتحاد زيجة مع الله، ثم فقدت الله كصديق وعريس للنفس، وصارت مترملة لا تستطيع أن تنجب فضيلة، أو ثمرة للروح، أو خلاصاً. أما الفلسان فهما رمز للحب.
ربى يسوع فيما أنا عاجز بسبب خطيتي التي فصلتني عنك، وصيرتني أرملة.. أنظر إلى فلسىْ الحب التي أملكهما ولا أملك سواهما .. فأنا أحبك، بالحق أحبك، وسقطاتي هى ضعف وليست عندا ً.. أنا ساقط لأنني ضعيف، ولكنني لا يمكن إلا أن أحبك .. أنظر إلى تقدمة حبي الهزيلة، واستحسنها كما فعلت مع الأرملة المسكينة.
V وفى مزمور إنجيل القداس:
يقول: "أنت يارب ترجع وتترأف على صهيون .. لأنه وقت التحنن عليها.. لأنه جاء الوقت" .. حقاً لقد جاء الوقت الذي طالما انتظرته البشرية، جاء وقت التحنن، وها نحن نرى البوادر "فى الأيام التي فيها نظر إلىّ، لينزع عاري بين الناس" (لو 25:1) ها إن البشرية العاقر قد حبلت بالابن الوحيد .. أليصابات هي النطق اليوناني للكلمة العبرية "اليشبع"، أى "أقسم الله" فاسمها يذكرنا بوعود الله وأقسامه لإبراهيم واسحق ويعقوب وداود والآباء، خاصة أن زكريا يعنى "يهوه قد ذكر"، فالله ذكر أقسامه لذلك أعطانا يوحنا "يهوه حنون"، أعطانا حنانه وشفقته ورأفاته، وأرسل ذلك بيد جبرائيل (أي جبروت الله)، فقد أرسل رحمته بيد عزيزة وذراع رفيعة، وجبروت، ينقذنا من فم الأسد المفترس (إبليس الحية القديمة).