القديس غريغوريوس النيسي
* "كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان". لأننا نؤمن أن كل شيء قد خُلق بواسطة الابن لا نستطيع أن نحسبه كواحدٍ من الكل (المخلوقات)، بل هو غيّرها تمامًا، لأنه ليس ضمن الطبائع المخلوقة، بل نعترف أنه وحده بالطبيعة الإله الحق.
* لم ينل قوة من آخر لكي يُخلق، وإنما هو قوة الله الآب، الابن الوحيد، الذي يعمل كل شيء مع الآب والروح القدس. لأن كل شيء من الآب بالابن، لأنه لو خلق الابن منفصلًا عن الآب لما استطاع الابن أن يقول: "أنا في الآب والآب فيَّ" (يو10:14).
القديس كيرلس الكبير
يقول القديس أغسطينوس أن البعض مثل اتباع ماني يحسبون الشيطان خالقًا لبعض الكائنات كالذباب. ويرد القديس على هؤلاء بأن الله خالق كل شيء، ويستخدم حتى الكائنات التي تبدو تافهة ومضرة لصالح الإنسان، لتنزع عنه كبرياءه. [لتعلموا يا اخوة أنه من أجل ترويض كبريائنا خُلقت هذه الأشياء لكي تسبب لنا متاعب، فقد استطاع الله أن يحط من كبرياء شعب فرعون لا بالدببة والأسود والحيات بل أرسل عليهم ذبابًا وضفادع، ليخضع كبرياءهم بأتفه المخلوقات
"فيه كانت الحياة،
والحياة كانت نور الناس" [4].
يميز الإنجيلي بين "الحياة" الخالقة "والحياة" الزمنية المخلوقة. فيتحدث عن أقنوم الكلمة ليس بكونه حيًا فحسب لكنه "الحياة". وكما يقول السيد المسيح عن نفسه أنه بمولده الأزلي "له الحياة في ذاته" (يو 5: 26). فهو جوهر الحياة التي لا تُدرك، لذلك يقول الإنجيلي: "الحياة أظهرت" (1 يو 1: 2)، وذلك خلال التجسد.
هذه الحياة الخالقة تهب حياة للغير، "لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي، كذلك الابن أيضًا يحي من يشاء" (يو 5:21). فهو ليس فيه حياة، لكنه هو الحياة في ذاتها، لهذا "به كان كل شيء". قيل: "تحب الرب إلهك وتسمع لصوته، وتلتصق به، لأنه هو حياتك" (تث 30: 20). ويرنم المرتل: "لأن عندك ينبوع الحياة، وبنورك نعاين النور" (مز 36:9).
"والحياة كانت نور الناس" [4]، فإذ نقتنيه بكونه حياتنا نستنير، فندرك أن حياتنا الزمنية على الأرض هبة إلهية تدفعنا للانجذاب نحو "الحياة الأبدية"، حيث بهاء المجد الأبدي. نتمتع في السماء بمعرفة كاملة للسيد المسيح ورؤيته وكمال الاتحاد معه والثبوت فيه، فتكون له "الحياة الأبدية". "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 17: 3).
كما أن الكلمة هو الحياة الخالقة واهبة الحياة المخلوقة، هكذا هو النور الجوهري الخاص بالطبيعة الإلهية والذي لا يُدني منه، يشرق علينا بنعمته فنصير نورُا يعكس بهاء نوره أينما حللنا. عندما أعلن السيد نفسه لشاول الطرسوسي، قال شاول: "أبرق حولي من السماء نور عظيم، فسقطت على الأرض" (أع 22: 7).
* يدعوه كلًا من "النور" و"الحياة". فإنه يهبنا النور مجانًا، هذا الذي يصدر عن المعرفة، والحياة التي تتبعه. في اختصار لا يكفي اسم واحد ولا اثنان أو ثلاثة أو أكثر أن يعلمنا ما يخص الله. يلزمنا أن نكون مستعدين أن ندرك سماته الغامضة بوسائل كثيرة