أنه في مدينة الاسكندرية في أيام يوحنا الأسقف الذي من نيقية ، كانت صبية وثنية مات والداها وخلفت لها ثروة كثيرة . ومرة أثناء نزهتها في بستانها شاهدت رجلا يريد أن يخنق نفسه . فأسرعت اليه ومنعته وسألته عن سبب ذلك . فعرفها أنه في ضيقة بسبب ديونه الكثيرة وضغطات الدائنين عليه وأن الموت أحسن من هذه الحياة المحزنة . فتعهدت له بتسديد ديونه حتي لو كلفها ذلك كل أملاكها ولا يهلك نفسه هكذا . وقد كان . فسدد الرجل ما عليه من ديون وأنفق في ذلك معظم أموال الفتاة تقريبا وبعد أيام ضاق بها الحال واحتاجت هي الأخري بعد أن بذلت معظم ميراثها وثروة والديها لهذا الرجل . واذ لم يكن لها من يهتم بذلت جسدها للزنا .
ولكن الله رب الرحمة والحنان لم يشأ لها هذه الحياة ، واذ أراد مكافأتها سمح لها بمرض . وبينما هي علي فراش المرض عادت الي ذاتها وندمت علي فعلها وعزمت أن تصير مسيحية . واذ أخذت تتعافي ويتركها المرض قال لجيرانها : اعملوا علي نفسي رحمة وأسألوا البابا أن يجعلني مسيحية ، ولكنهم تهاونوا جميعهم بها . وقالوا من يقبل هذه وهي زانية وقد شاع ذكرها . فحزنت الصبية واغتمت لتهاونها بها . ولكن ملاك الرب وقف بها في صورة الرجل الذي رحمته وقال لها ما حالك عرفيني ، فأنا هو الذي رحمتيني . فقال له اني أشتهي أن أصير مسيحية وليس لي من يتكلم من أمري ويهتم بي . فقال لها هل بالحقيقة تشتهين ذلك من كل قلبك . فقال نعم .. واتضرع اليك أن تعينني ان اساتطعت . فقال لها : لا يحخزنك هذا ابدا ولا يعمك فأنا أحضر من يحكلك الي الكنيسة . ثم احضر ملاكين آخرين حملاها الي الكنيسة وتمثل الثلاثة بصورة اشخاص من ذوي الجاه والعظمة في المدينة المعروفين في حاشة وكيل الملك . فحضر القسوس بسرعة والشماسة المكلفون بالمعمودية . وقالوا اعملوا محبة وعمدوا هذه المرأة .
فأجاب القسوس هل تضمنها محبتكم . فقالوا نعم ، نحن نضمنها . فأخذوها وعمدوها وألبسوها ملابس بيضاء . ثم حملها أولئك أيضا وأعادوها الي بيتها وغابوا عنها سريعا .
ولما رآها جيرانها بملابس سألوها عن الذي عمدها فحدثتهم بكل ما جري لها . فقال لها الجيران ومن هم هؤلاء الناس الذين حملوك وطلبوا تعميدك ؟ فلم فلم تعرف . فذهبوا للبابا وعرفوه بخبرها . فأحضر البابا القسوس وسألتهم : هل أنتم عمدتهم هذه المرأة ؟ فقال : نعم ، فقد سألنا فلان وفلان من أكبر البلد في حاشية وكيل الملك أن نعمدها . ولما دعا البابا أولئك الذين ذكروهم من قصر الولاية وسألهم هل هم الذين ضمنوها فقالوا : ما عرفنا ذلك وما عملناه أصلا .
حينئذ علم البابا أن الأمر الذي جري هو من الله ، ولما دعا المرأة سألها : أخبريني أي صلاح عملت في حياتك يا أبنتي .
فقالت له :
اذ كنت زانية ومسكينة خاطئة فأي صلاح أعمل . فقال لها البابا : تذكري يا ابنتي هل عملت صلاحا واحدا . فقالت له قصة الرجل الذي أنقذته من الديون وخلصت حياته من الموت والشنق .وعندما فرغت من كلامها هذا رقدت لساعتها . فمجد البابا الرب قائلا : عادل أنت يارب وأحكامك عظيمة جدا جدا .