أريد أن أكلمكم اليوم عن عنصر هام جداً من عناصر القيامة: وهو أنه فى القيامة يتم تجديد وتجلى الطبيعة البشرية. وتجلى هذه الطبيعة يشملها جسداً وروحاً وعقلاً وفكراً. فتصبح بتجليها فى حياة جديدة، مقدسة تماماً، مختلفة عما كانت قبلاً.
«« فمن جهة الجسد، نحن نقوم بأجساد نورانية روحانية، قد تخلصت تماماً من المادة التى كانت متحدة بها فى الحياة الأرضية، وبالتالى تتخلص من كل حروب المادة وما يتعلق باللحم والدم. وفى تجلى الجسد، لا يشعر الإنسان فى الأبدية بأى جوع، أو عطش، أو تعب، أو مرض، ولا يقاسى من شهوات جسدية أو مادية. ولا من طياشة الحواس وشغبها وانحرافاتها... هذا من الناحية السلبية.
«« أما من الناحية الإيجابية، فإن الحواس فى تجليها ترى ما لا يُرى، أو ما لم تكن تراه من قبل. فترى أرواح القديسين الذين سبقوها إلى عالم المجد. وترى الملائكة الذين لم ترهم من قبل، وكلهم أرواح لا يُرون إلا بتجلى البصر البشرى، وفى تجلى الحواس تسمع الطبيعة البشرية ما لم تكن تسمعه من قبل: من التسابيح السمائية، وأناشيد الملائكة، وأصوات الأبرار من كافة البلاد وعلى مر كل العصور. تسمعهم وتتكلم معهم. وهذا لا تحدث إلا بتجلى الطبيعة البشرية.
«« الروح أيضاً تتجلى، ولا تخطئ أبداً إلى الأبد. لقد كانت تخطئ عندما كانت متحدة بالجسد، يجرها أحياناً معه فى شهواته وفى اتجاهاته المادية، كما تحيطها المادة بإغراءات كثيرة وحروب. أما في القيامة فقد تخلصت من هذا كله وتحررت. ومنحها الله " إكليل البر " فصارت بارة على الدوام، وأصبحت تتغذى بالحب الإلهي، وتنمو به يوماً بعد يوم. وصارت متعتها الحقيقية هى عشرة الله وملائكته وقديسية.
«« وما أحمل قول السيد المسيح عن الحياة في الأبدية، إذ يقول عنها " تكونون كملائكة الله في السماء ". أي في طهارة الملائكة البعيدة عن كل الشهوات الجسدية، وكذلك خفة الملائكة الذين يتحركون في لمح البصر إلى أبعد مكان، دون أن يقطعوا وسطاً في الطريق.
«« في تجلي الطبيعة البشرية، يتجلى العقل أيضاً والفكر والمعرفة. فلا تجول أية فكرة خاطئة في العقل، إذ تكون الطبيعة البشرية قد وصلت في تجليها إلى نقاوة العقل نقاوة كاملة. ويصبح في بساطة أبوينا الأولين قبل السقوط في الخطيئة.
،، البقية غداً ،، بمشيئة الرب