بعدما غادر البربر الدير أخذ الآباء جسد القديس وأجساد من معه من الشهداء، وكفنوه ووضعوه في كنيسة الدير، وتذكر المخطوطة التي تحوى سيرته، أنه بعدما أصبح القديس موسى قسًا بني كنيسة جديدة ُدعيت لاحقًا باسمه، كما أن راهبًا روحيًا أقام بها 40 سنة، ويرى البعض أن مكان الكنيسة هو المكان المعروف الآن بدير الأنبا موسى والذي ظل قائمًا حتى القرن السادس عشر، ومكانه الآن الخرائب الموجودة شرق دير البرموس الحالي، والذي قامت بعثتان فرنسية وهولندية بالتنقيب فيه واكتشاف الدير ومرافقه، حيث استمر العمل لمدة سنوات (مع نهاية صيف كل عام) بدءا من عام 1996 م.
وكان كل من جسد القديس موسى وجسد معلمه القديس إيسيذورس في الدير المذكور، فلما تهدم نقلا إلى دير البرموس الحالي، حيث وضعا ومازالا في مقصورة واحدة. وما تزال تجرى من هذين الجسدين الكثير من العجائب.
بركة صلاتهما فلتكن معنا آمين.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
بعض من أقواله:
***********
تلك كانت سيرة القديس الأنبا موسى الأسود، والآن نعرض لبعض من أقواله، والفرق بين سير الآباء وأقوالهم: هو أن الأقوال هي التعاليم التي يلقنونها لأولادهم في إرشادهم لهم، والآراء التي يدلون بها في أمر ما، والقوانين التي يسنّونها (مثل قوانين القديسين باخوميوس وباسيليوس وغيرهم..) ومناقشاتهم ومناظراتهم (مثل مناظرات يوحنا كاسيان). وأمّا السيرة فهي ذلك المزيج بين ما يقولونه وما يحيونه، ولا شك أن السلوك والبعد الحياتي يكون أشد تأثيرًا من الكلام فقط. ولكن الآباء كانوا يعملون ويقولون، كان يعمل ملتزمًا الصمت دون أن يتكلّم. فبعضهم كان لا يجيد التعبير عمّا في داخله وبعضهم كان لا يريد التعبير، وفي مديح الآباء للبعض يقولون: الأب العامل العالم!!
والآن نورد بعض من أقوال القديس حسبما استطعنا أن نجمع من عدة مصادر.
أقواله (ضمن ردّ على سؤال أرسل به إليه أنبا نومين)
لماذا نحب الفضائل:
لنقتنِ لأنفسنا شوق الله، فإنّ الشوق إليه يحفظنا من الزنى، ولنحب المسكنة لتخلِّصنا من حب الفضة، ولنحب السلام لينقذنا من البغضة، ولنقتنِ الصبر وطول الروح لننجو من صغر النفس، ولنحب الكل محبةً خالصةً لكي نُحفَظ من الغيرة والحسد، ولنحب الاتضاع في كل أمر وكل عمل، لنحتمل المسبّة والتعيير لنتخلّص من الكبرياء، ولنكرم الجميع من كل الوجوه لكي نُحفَظ من الدينونة.
لنرفض شرف العالم وكراماته لنتخلّص من المجد الباطل، ولنستعمل اللسان في ذكر الله والحق لنتخلّص من الكذب، ولنحب طهارة القلب والجسد لننجو من الدنس، لأنّ هذا كله يحيط بالنفس ويضبطها عند خروجها من الجسد، فمَنْ كان حكيمًا ويتصرّف بحكمةٍ لا ينبغي أن يترك نفسه بدون أعمالٍ صالحةٍ حتى يخلص من تلك الشدّة. فلنحرص بقدر طاقتنا وربنا يُعين ضعفنا، لأنه يعلم شقاء الإنسان، لذلك وهب له التوبة ما دام في هذا الجسد.