هو مزمور تسبحة العرس للمسيح الملك المحارب، والعُرس بين المسيح العريس وكنيسته.
المزامير السابقة كلمتنا عن الألم سواء للفرد أو للجماعة أو للمسيح، وهنا نرى أفراح العرس فالألم هو طريق العرس والمجد الأبدي. هنا نرى الشعب وقد اتحد بالمسيح الملك يدخل إلى مجد داخلي كعروس سماوية مزينة، يشتهي الملك جمالها الروحي، تدخل إلى قصره وتنعم به كملكة في بيت عريسها الملك، بل ونبوة عن دخول الأمم نسمع عن عذارى يأتين في إثرها.
والعريس لم يقتنيها مجانًا بل حارب جبابرة ليقتنيها. وبعد أن اقتناها يسمعها صوته إنس شعبك وبيت أبيك (العالم الذي وُلدتِ فيه) فيشتهي الملك حسنك.
المزمور أنشودة حب بين الكنيسة والمسيح، فالكنيسة تقول له "أنت أبرع جمالًا من بني البشر".
نرى هنا المسيح يُمسح بالروح القدس لحساب كنيسته وشعبه (هو بكر بين إخوة كثيرين) "مسحك الله بزيت البهجة أفضل من رفقائك" لذلك نصلي هذا المزمور في صلاة الساعة الثالثة فنذكر أن آلام المسيح انتهت بقيامته وحلول الروح القدس في هذه الساعة على الكنيسة. والروح القدس هو الذي يقدس النفس لتصير على صورة عريسها يأخذ مما له ويعطيها.
تستعمل الكنيسة صلوات وآيات من هذا المزمور في طقس الزواج بكون سر الزواج هو ظلًا للعرس الأبدي بين الله الكلمة والكنيسة، والعروسان يستمدان حبهما ووحدتهما من حب المسيح لكنيسته وحب الكنيسة لعريسها المسيح. ولذلك نجد عنوان المزمور ترنيمة محبة. ولذلك شبه السيد المسيح علاقته بالكنيسة بعرس (مت2:22 + 1:25).
يقول بعض الكتاب والمفسرين أن هذا المزمور يشير لعرس سليمان وهذا خطأ كبير لأن هذا المزمور يتكلم عن رجل قتال وسليمان لم يكن رجل قتال أبدًا. وربما كتبه داود النبي كنبوة عن المسيح ولذلك أخذ منه بولس الرسول (عب8:1، 9).
وفي أعياد القديسة العذراء مريم نرنم بآيات هذا المزمور التي تتكلم عن العروس، فالعذراء هي أم الكنيسة وشفيعتها وطهارة العذراء جعلت المسيح يشتهي حسنها، وهي مشتملة بثوب ذهب رمز طهارتها وحياتها السمائية فالذهب يرمز للسماويات، وكل مجدها من داخل فهي يتيمة بسيطة فقيرة لكن قلبها كان سماء.
آية (1): "فاض قلبي بكلام صالح. متكلم أنا بإنشائي للملك. لساني قلم كاتب ماهر."
المرتل وقد رأى خلاص المسيح وحبه كعريس لعروسه، فاض قلبه بالحب له، بل فاض لسانه بكلمات حب، أعطاها له الروح القدس. وكان لسان داود وهو ينطق بما يقول في هذا المزمور وغيره، هو مجرد قلم يكتب ما يمليه عليه كاتب ماهر هو الروح القدس= لِسَانِي قَلَمُ كَاتِبٍ مَاهِر. وهو وجد أن مشاعره كفيض، ويريد أن يعبر به عن محبته، وحينما لم يسعفه لسانه، أعطاه الروح القدس أن يفيض (يو37:7، 38). فاض عليه الروح القدس الكاتب الماهر بما قاله وكتبه فكان الروح القدس كمن يمسك لسانه ليكتب به. فوجد نفسه لا يحتاج للتفكير ولا يتوقف فالروح يملي عليه ما يقوله. وفي السبعينية= إني أخبر الملك بأفعالي= فالحب لم يجعل لسانه فقط يتكلم بل كل أفعاله صارت تنطق بهذا الحب، لقد صارت أعضاؤه آلات بر (رو6). وعموماً فهذه طريقة كتابة المزامير وهناك من قال عن المزامير.. "هل كان الروح القدس يعزف على قيثارة داود أم كان داود يعزف على قيثارة الروح القدس". ويرى بعض الأباء أن عبارة فَاضَ قَلْبِي بِكَلاَمٍ صَالِحٍ = هي تعبير عن ولادة المسيح (كلمة الله) من الآب. فهو الكلمة الذي يفيض من قلب الآب.
لسانى قلم كاتب ماهر = داود كتب كلاما عجيبا لم يحدث له وكمثال لهذا ما قاله في مزمور 22 "ثقبوا يدىَّ ورجلىَّ" فهل هذا حدث مع داود ؟ هذا لم يحدث. لكن داود إذ وجد نفسه يقول هذا نجده هنا يفسر لماذا قال ذلك، وأنه وجد من يضع هذه الكلمات على لسانه، فقال أنه الروح القدس الكاتب الماهر، وفي هذا يقول بطرس الرسول "أن رجال الله القديسون تكلموا مسوقين بالروح القدس" (2بط1: 21).