آية (3): "لأني عارف بمعاصيّ وخطيتي أمامي دائما. "
اعتراف بالخطية والضعف، والله يطلب هذا الاعتراف. خَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِمًا= من يتذكر خطاياه دائماً يخجل وبخجله يندم وبندمه يحترس من السقوط ثانية وباحتراسه يأخذ مغفرة. يقول القديس الأنبا أنطونيوس"إن ذكرنا خطايانا ينساها لنا الله، وإن نسينا خطايانا يذكرها لنا الله" . وحينما نقول في القداس "ومن تذكار الشر الملبس الموت" أي لا نذكر شهوات الخطايا السابقة فنشتاق إليها ثانية كما اشتهى الشعب الكرات والبصل في سيناء بل نذكر أننا أحزننا قلب الله وننسحق، وأيضا يكون تذكار الشر ملبس للموت لو دخلنا في حالة يأس من رحمة الله الغافرة. لكن لنذكر خطايانا ونشكر الله ونسبحه على الدم الغافر.
فهناك تذكار الشر بطريقتين يقودان للموت: 1) إثارة الشهوة مرة أخرى؛ 2) اليأس.
وهناك فائدتين لتذكار الشر يقودان للحياة: 1) تسبيح الله على الفداء؛ 2) التواضع.
آية (4): "إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت لكي تتبرر في أقوالك وتزكو في قضائك."
كل خطية هي موجهة ضد الله. فجسدنا هو ملك للرب وهكذا جسد من أخطأنا إليه. بل كل منا على صورة الله فكيف نهين صورة الله. والله وهبنا الكثير فنذكر هنا أننا أخطأنا ضد من أحبنا ووهبنا الكثير. لقد وهبنا الله كل وسائط النعمة التي بها نغلب ومع هذا سقطنا وخالفنا شريعة الله، وأخطأنا إليه. . ربما لم يعرف أحد خطيتنا ولكن الله رآها فهو فاحص القلوب والكلى. وحين رأي الله حزِن وهذا ما أحزن داود. وقوله "إذا حوكمت" (في الترجمة السبعينية) أي متى ناقشتك من جهة أحكامك (إر1:12)، وكيف أتبرر وأنت فاحص القلوب ولقد ضبطتني ورأيت خطيتي.
لكي تتبرر في أقوالك وتزكو في قضائك= كل أحكام الله هي بر، وقد نرفض تنفيذ وصاياه ولكن سيتبين لنا بعد ذلك أن كل أقوال الله صادقة وحق وهي لصالحنا، ومن ينفذها يستريح ويحيا في سلام هنا على الأرض وله راحة أيضًا ومجد في الأبدية، أما من يرفض في كبرياء سماع وصايا الله فلن يجد راحة على الأرض ولن يقدر على مواجهة الله في الدينونة. تزكو في قضائك جاءت في الإنجليزية blameless in thy judgment وفي ترجمة أخرى جاءت blameless when you judge. فلن يقدر أحد أن يوجه لوم إلى الله في أي حكم من أحكامه. فعقوباته على الأرض كانت للتنقية ولإعدادنا للسماء، وفي الدينونة سنجد أن الله قد عمل معنا كل شيء يقودنا للخلاص، ونحن الذين رفضنا مشيئاته وتذمرنا عليه، ولن يستطيع أحد أن يلومه على أحكامه سواء هنا على الأرض وما حدث لحياتنا على الأرض أو يلومه على دينونتنا وأننا لم نأخذ فرصتنا، فلسوف نكتشف أن الله قد عمل كل شيء ممكن لخلاصنا ونحن بحريتنا قد رفضنا.