هناك عدة أراء عن المناسبة التي قيل فيها هذا المزمور:-
1. قبل أن يبدأ شاول ملاحقته لداود مع جنوده ليقتله، استخدم القضاة المرتشين ليصدروا حكمًا ضد داود بأنه خارج عن القانون وعلى من يجده أن يقتله.
2. قيل بمناسبة الحكم الظالم الذي أصدره شاول ضد كهنة نوب الأبرياء.
3. عن طريقة قضاء إبشالوم وأتباعه، إذ عوَّجوا القضاء ليجذبوا قلوب الشعب.
آية (1): "أحقا بالحق الأخرس تتكلمون بالمستقيمات تقضون يا بني آدم."
هنا نجد داود في مرارة يوبخ القضاة أو الحكام الذين يمزجون الكذب بالحق فيعوِّجوا القضاء حسب أهوائهم. الحق الأخرس= من يعرف الحقيقة ولا يتكلم. ونجد في هذا نبوة عما فعله اليهود بالمسيح، تلفيق تهم، وإخفاء حقائق وحكم ظالم ضده.
آية (2): "بل بالقلب تعملون شرورًا في الأرض ظلم أيديكم تزنون."
الْقَلْبِ = أي أفكارهم وشهواتهم وإرادتهم خاطئة ففي داخلهم فساد، والنتيجة تظهر في الخارج ظُلْمَ أَيْدِيكُمْ = أي أعمالكم. فهم في كلماتهم تجدهم يتكلمون بالحق ولكن أفكارهم ونياتهم وأعمالهم كلها ظلم = ظُلْمَ أَيْدِيكُمْ تَزِنُونَ = كأن القاضي له ميزان ليزن الحق والباطل، وميزان هؤلاء غش.
آية (3): "زاغ الأشرار من الرحم ضلّوا من البطن متكلمين كذبًا."
سبق داود وقال"بالخطية حبلت بي أمي" وهذا عن أن كل مولود يرث خطية آدم ولكن المقصود هنا بقوله زَاغَ الأَشْرَارُ مِنَ الرَّحِمِ = أن هؤلاء القضاة الظالمين ولدوا من أباء على شكلهم، فالخطية تفشت وسط المجتمع. فالمبادئ الفاسدة التي سادت المجتمع الفاسد هي الرحم الذي نشأوا فيه.
الآيات (4، 5): "لهم حمة مثل حمة الحيّة. مثل الصلّ الأصم يسد أذنه. الذي لا يستمع إلى صوت الحواة الراقين رقى حكيم."
داود هنا يشَبِّه هؤلاء الأشرار بالحية التي تسد أذنيها حتى لا تسمع صوت المزمار الذي يطلقه الراقي ليخرجها ويمنعها أن تطلق سمومها على الناس. (هذه قد تكون أسطورة أو فكرة عند الناس أن الحيات تستجيب لمزمار الحواة الراقين) والمهم المعنى أن هؤلاء الأشرار يطلقون سمومهم وكلامهم الردئ المسموم ضد الناس غير سامعين لمشورات الأبرار بأن يكفوا عن هذا. رُقَى حكيم = هو صوت الراقى بمزماره ليمنع الحية من أن تنفث سمومها، أو هو صوت الأبرار الذين يمنعون الشرير عن شره وهو يسد أذنيه.