قال القديس دوروثيؤس :
أن اصل الادانة هو عدم المحبة ، لأن المحبة تغطي كل عيب . أما القديسون فأنهم لا يدينون الأخ ، لكنهم يتألمون معه كعضو منهم ، ويشفقون عليه ويعضدونه ويتحايلون في سبيل خلاصه ، حتي ينشلونه كالصيادين الذين يرخون الحبل للسمكة قليلا حتي لا تخرق الشبكة وتضيع ، فإذا توقفت ثورة حركتها حينئذ يجرونها قليلا قليلا ، هكذا يفعل القديسون ، فانهم يطول الروح والمحبة يجتذبون الأخ الساقط حتي يقيموه – كما فعل الشيخ .. أذ جلس علي الماجور الذي كانت تحت المرأة ، لكي لا يجدها اولئك الذين نموا علي الأخ … بشفقة ومحبة ، لا باستنقاص وتعيير " .
+ أخبر أحد رؤساء الديرة عن شيخ من الشيوخ القديسون :
انه سكن قريبا من الدير ، وكان ذا نفس راجحة في الصلاة ، فجاوره أخ راهب واتفق في غيبة الشيخ أن طغي الأخ وفتح قلايته ، ودخل فأخذ زنابيله وكتبه ، فلما رجع الشيخ وفتح قلايته ، لم يجد زنابيله ولا باقي حاجاته ، فجاء الي الأخ ليخبره بما جري ، وبدخوله قلاية الأخ وجد زنابيبه وكتبه في وسطها ، لأن الأخ لم يكن بعد قد خبأها ، فلمحبة الشيخ ، أي ألا يحرجه ، أو يوبخه أو يخجله ، فتظاهر بوجود ألم في بطنه ، ويحتاج الأمر لزواله الي قضاء الحاجة ، فدخل الي بيت الراحة .. وأبطأ فيه وقتا طويلا ، حتي أذا تأكد ان الأخ خبأها ، خرج الشيخ وبدأ يكلمه في أمور أخري ولم يوبخه ، وبعد أيام قليلة ، عثروا علي زنابيل الشيخ عند الأخ ، فأخذه قوم وطرحوه في الحبس ، قام وجاء الي الرئيس وقال له : أصنع محبة وأعطني بيضاً وخبزاً قليلا . فقال له ذاك : من البين أنه يوجد عندك اليوم ضيوف . فقال : نعم . فأخذ الشيخ ما طلبه ، ومضي اليه في الحبس ليجد الأخ غذاء من الطعام . فلما دخل ليفتقده ، خر الأخ علي رجليه وقال ك يا معلم ، لقد جيء بي الي ههنا لأني أنا هو الذي سرقت زنابيلك ، وكتبك تجدها عند فلان ، وثوبك تجده أيضاً عند فلان . فقال له الشيخ : بالحقيقة يا ولدي أعلم تماما أني لست من اجل هذا الأمر دخلت الحبس ، ولم أعلم – بوجه من الوجوه – أنك جئت من أجلي الي ههنا ، لكني سمعت أنك محبوس فاغتميت وجئت مصلحا لك طعاما تتغذي به فأقبل الخبز والبيض وخذه من أجل محبتي .
ثم أن الشيخ خرج الي أكابر البلد وأعلمهم بأن هذا الأخ بريء ، وسألهم ألا يجلبوا علي أنفسهم خطيئة . ولكونه معروفا بينهم بالفضل والخير سمعوا لكلامه ، وأوقتهم أطلقوه . فهذا الأخ بقي تلميذاً عند الشيخ بقية أيام حياته ، ولم يكمله بكلمة واحدة قط .
+ قال أخ للأب بيمين :
أن أنا رأيت أخا قد سمعت عنه سماعا قبيحا ، فهل من الواجب علي ألا ادخله قلايتي ؟ وأن رأيت أخا صالحا فهل أفرح به ؟
فأجابه الشيخ : أن أنت صنعت مع الأخ الصالح خيراً قليلا ، فاصنع ضعفه مع ذاك ، لأنه أخ مريض .
+ قيل عن القديس أنبا أمونيوس الأسقف :
انه من فرط صلاحه كان يعرف الشر . فبعد ما صار أسقفاً قدموا له عذراء حبلت ، وقالوا له : لقد فعل هذا فلان وفلان دعهم ينالون قصاصهم . أما القديس فرشم علامة الصليب علي أحشائها وأمرهم أن يعطوها ستة أزواج من قطع التيل قائلا : ربما تموت هي أو طفلها عندما تلد . وأت مات كليهما ادفنوهما .
قال له الحاضرون : ما هذا الذي صنعت ؟ مر قداستك أن يأخذوا عقوبتهم .
قال لهم : أنظروا يا أخوتي ها انها قد أوشكت علي الموت ، فماذا استطيع أن أعمل ؟ .
ثم طردها القديس . وهكذا لم يكن يحاكم انساناً ما لأنه كان مملوءا محبة مترفقة وصلاحاً لأبناء البشر جميعا .