من كلام انسطاسيوس السينائي :
" ليس كل من يعمل آيات قديساً ، بل نجد كثيرين يعملون آيات وتتلاعب بهم الشياطين ، لننا قد فهمنا من حال أسقف هيراطيقي اسمه مقدونيوس محارب الروح القدس ، أنه قد نقل شجرة زيتون من موضعها وغرسها في موضع آخر بشكل الصلاة .
وحدث كذلك أن رجل ظالم قد أزعج أمرأة لأجل دين كان له علي زوجها ، وزاد قيمة الدين عن الحقيقة ، ولم يكن الميت قد دفن بعد ، فما كان من ذلك الأسقف المذكور الا أن جعل الميت يتكلم ويخبر بمقدار الدين ، كذلك لما مات ذلك الأسقف المذكور ألا أن يجعل الميت يتكلم ويخبر بمقدار الدين ، كذلك لما مات ذلك الأسقف الهيراطيقي ، ظهرت علي قبره خيالات كثيرة وعملت آيات ، من أجل ذلك لا يجب أن تقبل كل من يعمل آيات قائلا أنه قديس ، بل يجب أن يمتحنوا ويختبروا علي رأي القائل : " لا تصدقوا كل روح ، بل جربوا أن كان ذلك الروح من الله ، لأن انبياء كثيرين كذابين قد خرجوا الي العالم " والرسول يقول : " أن هؤلاء رسل كذابون وفعلة غاشون ، متشبهون برسل المسيح ، وأن الشيطان يظهر بشكل ملاك النور ، فلا عجب أن كان خدامه يتشكلون بشكل خدام العدل " ، لأن الشياطين الأنجاس بواسطة الأنبياء الكذبة يصنعون آيات واشفية جسدية ليخدعوا من كان سهل الانقياد لخداعهم ، وقد يظهرون أحيانا ميتا قائما بواسطة صلاة بطالة من انسان مضل ، وذلك بأن يدخل ابليس في جسد الميت ويحركه ويخاطب الأحياء من وجه الميت ،ويجيب الانسان المخدوع عما يسأله ، ويخبر عن أشياء مخفية وعما قوم سرا ، جتي اذا وثقوا به أنه صادق ، سهل عليه أدخال الضلالة التي تخصه .
كذلك يتجاسر الشياطين علي أن يحدثوا عن خصب الأرض وجدبها ، واختلافات الأهوية وكثرة الأمطار وقتلها وما شاكل ذلك ، كما يمكنهم فهم آراء الناس من اشارات وأمارات يرونها في الانسان أو يتصيدون ذلك من وجوه أخري ، وليس ذلك فقط ، بل ويسبقون فينذرون بموت قوم من الناس ، لأن العناية الالهية قد وضعت علامات في جسم البشر كما يعرف ذلك أولئك الذين حذفوا صناعة الطب حذقا بليغا ، اذ يستدلون علي موت الناس من علامات تظهر منزيادة الكيموسات ونتقصان الدم ،وتغير المزاجات وغير ذلك ، لا سيما وأن الشياطين لطيفة ولطول مدتهم وكثرة تجاربهم ، فالنساء العرافات والمنجمون يحدثون بما يحكم به الشياطين ، ليس عن سابق علم . بل لزيادة التجربة . وليس ذلك مقبولا ، فقد عرفنا قوما سحرة مشعوذين ، قد صنعوا آيات متنوعة من فعل الشياطين ، مثل هاروت وماروت اللذان كانا علي عهد موسي ، فأنهما جعلا عصيهما حيات ، وقلبا المياه دما ، واصعدا من المياه كثيرة من الضفادع .
كذلك سيمون الساحر في عهد الرسل ، فكم من الآيات صنع ، فلقد حرك أصناما وجعلها تمشي ، وطرح في النار ولم يحترق ، وطار في الهواء ، وحول حجارة الي خبز ، وصار حية ، وتشكل بهيئة حيوانات ، وفتح أبوابا مرتجة ، وفك قيودا ، وحل حديدا ، وعلي المواليد اظهر اشكالا ، وجعل الأوعية التي في البيت تتحرك خادمة منها وبها دون أن يري الذي يحركها ، وجعل ظلا يتقدمه زاعما أنه من أرواح الذين ماتوا ، واذ رام كثيرون من السحرة أن يفضحوه ، غير شكله ، ثم بحجة ما ، دعاهم الي وليمة حيث ذبح ثورا وأطعمهم ، فنزلت بهم اسقام كثيرة ، وصرعتهم شياطين مردة ، وأخيرا لما طلبه الملك ، فزع منهم ، وهرب وطرح شكله علي غيره .