+ في بعض الأوقات جاء أخوة إلي الأب انطونيوس
يخبرونه عن أحلام يرونها ليعلموا هل هي حقيقة أم من الشياطين ، وكان معهم أتان قد مات في الطريق ، فلما سلموا عليه ابتدرهم قائلا : " كيف كان طريقكم ؟ وكيف مات الأتان الصغير ؟
فأجابوه :
" من أين علمت يا أبانا ؟ " فقال لهم : " أن الشياطين أروني ذلك في الحلم " ، فقالوا له :" ونحن لهذا الأمر بعينه جئنا نسألك ، لئلا نضل ، لأننا نري أحلاماً ونصدقها مراراً كثيرة " ، فأكد لهم الشيخ من حال الزمن الذي أخبرهم به أن هذه التخيلات من الشياطين .
+ من كتاب الدرج :
المصدق المنامات يشبه من ميريد أن يلحق ليمسكه ، فأن شياطين العجرفة ينذرونا في الحلم بما يكون مكرا منهم ، فإذا تمت المنامات نتخشع نحن ماننا قد تقربنا من نعمة النبوة فيتعجرف فكرنا جملة ، طائعين الشيطان ، أن الشيطان هو روح علام بما في سقطس الهواء فاذا عرف أنه قد مات فلان يسرع ويخبو به ويخدع الخفيفي العقول وقد يتشكل مرات بشكل ملاك نور أو شهيد من الشهداء ، ويرينا ذلك في الحلم واذا انتبهنا يملأنا فرحا وابهة .
+ راهب اسمه نونمينوس :
هذا اظهر من ضبط الهوي مقدارا زائداً ومكث سنين كثيرة حابسا نفسه في قلاية ، فهذا تلاهت به الشياطين فيما بعد وهزات به باعلانات ومنامات أظهروها له ، فتهود واختتن ، بعد أتعاب وفضائل جزيلة فاق بها جميع الاخوة ، لأن الشيطان لما رام خديعته أراه مرارا منامات صادقة ليحسن قبول نفاقه ، ويجعله حسن الانصياع لقبول الضلالة التي كان عتيدا أن يميلها عليه أخيراً ، فأراه في بعض الليالي شعب المسيحيين مع الرسل والشهداء مظلمين مكمدين معبسين مغمومين من كل خزي ، ثم أراه شعب اليهود مع موسي والأنبياء ملألئا ، باشا مستبشرا ، وعرض عليه الخداع قائلا :
" أن شئت نوال فرح وضياء هذا الشعب تهود واختتن " .
+ وآخر أيضا :
كان كثير الصلاة والصوم والجهاد ، وكان كل يوم في ازدياد وحرص ، وحدث أنه أن\تكل علي أعماله الصالحة ، فجاءه المجرب في الليل في شبه أمرأة تائهة في البرية ، ووثبت ودخلت قلايته ، ووقعت بين رجليه وكانت تطلب اليه أن تستقر عنده تلك الليلة ، فظن في نفسه حينئذ أن يصنع معها خيراً ، وبدأ يسألها كيف تاهت ؟ فأخبرته بكل ما اصابها .. ثم بدأت تكلمه ، وتزرع في قلبه الأفكار الدنسة ، وترثي لحاله ، وتتظاهر بالاشفاق عليه ، وهكذا أطالت في كلامها حتي أمالته الي الشهوة النجسة ، مريدة جذبه الي نفسها ، وبالضحك السمج أضلته حتي أنه بسط يديه اليها ، فاقترب منها مسبيا بها ، مقدما نفسه ليتم الشهوة ، فصاحت بغتة . وخرجت هاربة مثل الدخان ، وصوت الضحك سمع في الهواء من الأرواح النجسة يصيحون ويقولون : " يا من تعظم ونرفع الي العلا ، أنظر كيف هبطت الي الهاوية " . ومن بعد هذا غدا حزينا ولبث هكذا في حزن أياماً كثيرة حتي قطع رجاؤه ورجع الي العالم . وعلي هذا المنوال يفعل الشيطان ، فانه اذا غلب انسانا يجعله بغير معرفة لئلا يقوم من سقطته . من اجل ذلك يجب علينا الهروب من العالم ،والحذر من ملاقاة أمرأة ، ولا نقطع رجاءنا أبداً من رحمة ربنا .