من دروس الميلاد أيضا: البساطة
نلاحظفي قصة الميلاد أن السيد المسيح له المجد - لما بدأ رسالته - اختار له تلاميذبسطاء. غالبيتهم من الصيادين. ولكنهم كانوا أبراراً ولهم قلوب مستعدة لحملالرسالة.
كماأن بشارة الميلاد أُعلنت لجماعة من الرعاة البسطاء. ولكن كانت لهم بساطة الإيمانوعمقه. ولم تعلن هذه البشارة لكثيرين من القادة كالكتبة والفريسيين وكهنة اليهودوشيوخ الشعب.. فلماذا؟
ذلكلأن أسرار الرب. إنما تُعلن لقلوب بسيطة تفرح بها.
إنالمجوس والرعاة كانوا بسطاء القلب. لما سمعوا ببشارة الميلاد. صدقوا وآمنواوفرحوا. وذهب المجوس الي المزود وقدموا هداياهم..
أماالكبار فلم تكن قلوبهم مستعدة ولا بسيطة. مثال ذلك هيرودس الملك. الذي لما سمعالخبر "اضطرب وكل اورشليم معه". واستخدم الفحص والاستقصاء. وأيضا الحيلةوالدهاء في كيف يقتل المولود!!
***
فهل أنت أيها القارئ العزيز لك بساطة الإيمان. التي تستطيع بها أن تقبلأسرار الرب ومعجزاته؟
إنالقديسة العذراء كانت لها بساطة القلب. فآمنت بما قيل لها من قِبل الرب عن طريقملاكه. وصدقت أنها ستلد وهي عذراء. فكانت لها هذه البركة.. وكذلك يوسف النجارأيضاً آمن بأنها حبلي من الروح القدس..
والمجوسعلي الرغم من أنهم كانوا حكماء وعلماء. إلا أنهم كانوا أيضاً بسطاء في قلوبهم. ولميكن لهم مكر هيرودس الملك وخبثه. لذلك استحقوا هم أيضا أن يروا المسيح وينالوابركته. وعلي الرغم من أنهم رأوه في مزود. إلا أنهم آمنوا وقدموا هداياهم.
***
وهنا نسأل : هل نحن نسلك ببساطة الإيمان. أم بتعقيد وشك؟
إنالعالم المعاصر - للأسف الشديد - فيه الكثير من التعقيد باسم العلم! فكثيرونينكرون المعجزات. وينكرون صحة الرؤي المقدسة. لذلك إذا ما حدثت أمامهم لايصدقونها! بل بعضهم ينكر القيامة أيضا. وهكذا وجدت فجوة بين الدين. وبعض الفلاسفةوالعلماء.
إننانؤمن بالعلم. ولكننا لا نحب في الأمور الخاصة بالله ومعجزاته. أن نفقد بساطةالقلب. فالبساطة كنز عظيم. من الخسارة أن نضيّعه.
والبساطةهي غير السذاجة. فمن الممكن أن تكون بسيطاً وحكيماً.
البساطةهي عدم التعقيد. وليست عدم التعقل. وهي تتمشي مع حياة الإيمان. وبها نقبل ما يقولهالله. دون أن نكون رقباء علي عجائبه.
***
وفي احتفالنا بالميلاد. نذكرالمبادئ السامية التي نادي بها المسيح:
ولعلفي مقدمة ذلك : المحبة والسلام. جاء المسيح ينشر الحب بين الناس. وبين الناسوالله. ويقدم الله للناس أباً محباً. يعاملهم لا كعبيد. بل كأبناء. ويصلون إليهقائلين "أبانا الذي في السماوات".وهم في الحرص علي محبته. يعملونبوصاياه. لا خوفاً من عقوبة. بل حباً للخير.
وهكذاقال السيد المسيح إن جميع الوصايا تتركز في وصية واحدة وهي المحبة "تحب الربإلهك من كل قلبك. ومن كل فكرك. ومن كل قدرتك. وتحب قريبك كنفسك" بهذا تتعلقجميع الوصايا.
***
وإلي جوار المحبة. جاء المسيح أيضا ببشارة السلام:
سلامبين الناس. وسلام بين الانسان والله. وسلام في أعماق النفس من الداخل. سلام منالله يفوق كل عقل.
وعلّمبأن الصلح أفضل من تقديم القرابين. فقال : ¢إن قدمت قربانك علي المذبح. وهناكتذكرت أن لأخيك شيئاً عليك. فاترك قربانك قدام المذبح. واذهب أولاً اصطلح معأخيك".
وفيسبيل السلام بين الناس. دعتهم تعاليم المسيح أن يكونوا مقدمين بعضهم بعضاً فيالكرامة.
***
إن العالم بميلاد المسيح قد بدأ عصراً جديداً. يتميز عن كل ما سبقه منعصور. وأصبح الميلاد المجيد فاصلاً بين زمنين متمايزين: ما قبل الميلاد. وما بعدالميلاد.