التوبة والاعتراف
يُقال خطأ.. سر الاعتراف دون التنويه عن التوبة.. بينما حقيقة السر هي في سر التوبة الذي يكتمل بالاعتراف على يد الكاهن.
والتوبة ببساطة هي حياة المسيحي فينا.. هي رسالة الإنجيل.. هي دعوة الله.. هي الخضوع لوصية المسيح.. هي حرفة القديسين إذ يتطلعون دائماً أن يصيروا شبه المسيح فلا يكفّوا عن التوبة طوال حياتهم. وهى التغيير المستمر " من مجد إلى مجد " (2كو 3: 18) بعمل الروح القدس.
والتوبة والاعتراف يتلازمان لأن التوبة تبدأ..
· بالاعتراف أمام النفس.
· بالاعتراف أمام الله.
· بالاعتراف أمام الناس.
· بالاعتراف أمام الكاهن.
أولاً.. الاعتراف أمام النفس.
تنبع التوبة الصادقة من عبارة " فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ " (لو 15: 17)؛ وتبدأ دائماً بوصية " جربوا أنفسكم، هل أنتم في الإيمان؟ امتحنوا أنفسكم.أم لستم تعرفون أنفسكم أن يسوع المسيح هو فيكم، إن لم تكونوا مرفوضين؟ (2كو 13: 5)، فإن لم يعترف الإنسان أمام ضميره إنه مخطئ في حق الله والناس والكنيسة.. لا يكون لاعترافه أي قيمة تُذكر.
فقد يعترف إنسان بخطيته جهراً ولكن لا يشعر بثقلها أو الندم عليها كما فعل شاول الملك أمام صموئيل النبي " فقال شاول لصموئيل: أخطأت لأني تعديت قول الرب وكلامك، لأني خفت من الشعب وسمعت لصوتهم..... فقال: قد أخطأت. والآن فأكرمني أمام شيوخ شعبي وأمام إسرائيل وارجع معي فأسجد للرب إلهك " (1صم 15: 24- 30)
ولكن توبته لم تكن صادقة واعترافه ظاهرياً فقط.. وكل ما كان يعنيه كرامته أمام الناس.. وتلمُّسه الأعذار والحجج في اعترافه.. لذلك نسمع صوت الله يقول.. " فقال الرب لصموئيل: " حتى متى تنوح على شاول، وأنا قد رفضته عن أن يملك على إسرائيل؟ " (1صم 16: 1).
الاعتراف أمام النفس هو بداية التوبة والتغيير.. ويحتاج لفحص مستمر في ضوء وصايا الإنجيل.. لئلا يخدع الإنسان نفسه ويظن أنه كامل.. " لأنك تقول: إني أنا غنى وقد استغنيت، ولا حاجة لي إلى شيء، ولست تعلم أنك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان " (رؤ 3: 17).
ثانياً.. الاعتراف أمام الله.
ليست هناك توبة بدون صلاة.. والصلاة هي عمل التوبة المستمر وتعبيرها الصادق.. فالتائب لا يكف عن طلب الغفران والتغيير.. بقوله " يا رب سامحني.. يارب توبنى.. يارب غيرني " بها يمسح رصيد الخطايا من الماضي ويطلب حياة جديدة بمعونة الله للمستقبل.. خالية من الخطية، ومشتاقاً إلى النقاوة.
عندما وبَّح ناثان النبي داود على خطاياه الكثيرة.. أعترف لأمامه بالخطأ.. ولكنه لم يكف عن الصلاة بدموع " ارحمني يا الله حسب رحمتك. حسب كثرة رأفتك امح معاصي. اغسلني كثيراً من إثمي ومن خطيتي طهرني. لأني عارف بمعاصي وخطيتي أمامي دائماً. إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت لكي تتبرر في أقوالك وتزكو في قضائك " (مز 51: 1- 4).
قال القديس مرقس الناسك..
" إن أردت أن تقدم اعتراف لله بلا لوم.. لا تتذكَّر خطاياك السابقة في تفاصيلها بل بشجاعة تذكَّر مرارة نتائجها ".
ثالثاً.. الاعتراف أمام الناس. غدا بمشيئة الرب لنا بقية .