ثالثاً.. الاعتراف أمام الناس.
هناك خطايا تُعثِر الآخرين أو تجرحهم أو تتسبب في أذى لهم.. روحياً أو نفسياً أو جسدياً.. فمع الاعتراف أمام النفس وأمام الله لابد أن يكون هناك اعتراف أمام بعض الناس الذين أخطأنا في حقهم، مثل قول المسيح..
" فإن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك. فأترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك " (مت 5: 23- 24)
مثلما فعل داود النبي مع أبيأثار الكاهن..
الشاب الذي تسبب داود بكذبه في قتل كل عائلته من الأنبياء.. وقال له " فقال داود لأبياثار: علمت في ذلك اليوم الذي فيه كان دواغ الأدومي هناك أنه يخبر شاول. أنا سببت لجميع أنفس بيت أبيك. أقم معي. لا تخف، لأن الذي يطلب نفسي يطلب نفسك، ولكنك عندي محفوظ " (1صم 22: 22- 23).
وليس من الحكمة أن نكشف كل أسرار قلوبنا أمام الناس لئلا يُعثروا فينا بالأكثر.. فقد لا يحتمل الناس أن يعرفوا ما في داخلنا من فساد.. وقد لا نحتمل نحن أن نكشف للجميع عما في داخلنا، ولكن ليس أقل من أن نعتذر للذين أخطأنا في حقهم بشكل واضح صريح كمثل اعتذار الزوج لزوجته والأب لأولاده والصديق لصديقه والخادم لمخدوميه. وإن كان هناك مجالاً لتصحيح بعض الأخطاء مثل رد المسروق، فلابد من تصحيحها قبل نوال المغفرة.
رابعاً.. الاعتراف أمام الكاهن.
هنا تكمل التوبة بالاعتراف أمام وكيل أسرار الله.. " فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله. ثم يسأل في الوكلاء لكي يوجد الإنسان أميناً " (1كو 4: 1- 2).
بعد مصارحة النفس وبعد صلاة حارة وبعد اعتذار صادق.. يأتي الاعتراف أمام الكاهن ليرفع الخطية ويضعها على رأس المسيح الذبيح " لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها. ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً، وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا " (اش 53: 4- 5)
ولا يستفيد الإنسان من سر الاعتراف إن لم يكن أميناً ومجتهداً في الخطوات الأولى اللازمة للتوبة وهى.. حساب النفس والصلاة الحارة ومصالحة الناس وترك الخطية ومسبباتها والخضوع للكنيسة والجهاد الروحي.
قال القديس يوحنا الدرجى..
" اعترف من ؟أجل سلامتك واقطع أهوية قلبك.. فالمعترف في الأكثر يستريح من القتال.. وبغير اعتراف وطاعة لا يخلص الخطاة "
وقال أنبا باسيليوس..
" جيد ألا تخطئ
· وإن أخطأت فجيد ألا تؤخر التوبة..
· وإن تبتَ فجيد ألا تعاود الخطية..
· وإن لم تعاودها فجيد أن تعرف إن ذلك بمعونة الله..
· وإن عرفتَ ذلك فجيد أن تشكره على نعمته وتلازم السؤال في طلب معونته ".