كلمتك في المرات السابقة عن إنكار الذات، وما يزال هناك كثير أقواله لك في هذا الموضوع حتى نصل سويا إلي انطلاق الروح..
أتريد يا أخي أن تصل إلي الله؟ أتحب أن تردد عبارة الطوباوي بولس {لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح فذاك أفضل جدًا} إذن فانطلق أولا من ذاتك، من ذاتك التي تعبدها بدلا من الله وتحاول باستمرار أن تراها ممجده معظمه أمام الآخرين.
هل يمجدك العالم يا أخي الحبيب، وهل تقبل منه هذا التمجيد؟ يا لك من مسكين.. ألست تعلم أن المجد لله وحده؟ لأنه خالق الكل ومصدر جميع الكائنات ولأنه الوحيد الواجب الوجود، والأزلي، والقادر علي كل شيء، والمالئ كل مكان.. ألست تعلم أذن أنك أن مجدت ذاتك، أو مجدك الناس فإنما تسلب صفة من صفات الله. وتنسبها إلي نفسك!! أهي التجربة التي حاربت أباك آدم، إذ لم يكتف بما وهبه الله من نعيم، بل أراد أن يكبر حتى يصير مثل الله؟
ومن أنت يا أخي حتى تتمجد؟! هل للتراب مجد أو للرماد كرامة أو للعدم احترام وهيبة؟! ثم ألست خاطئًا مثلي، وان كان الله قد سترك وأخفي عيوبك عن الناس – فهل للخاطئ مجد وهل للضعيف كرامة؟ إذن لماذا تمجد نفسك، وأنت تعرف حقيقتك بكل ما فيها من خطايا ونقائص وعيوب...
هل تفعل هذا لأن الناس لم يعرفوا حقيقتك بعد، ولم يعلموا كل شيء من ماضيك، ولم يكتشفوا كل ضعفاتك، ولم تظهر أمامهم أخطاؤك؟ لماذا إذن تخدعهم وأنت تعلم؟ بل لماذا تخدع نفسك والخداع لا يفيدك شيئًا؟؟
ألهذا الحد تستغل ستر الله وكتمانه حالتك عن الناس.. أتوده إذن أن يعلن للآخرين أفكارك وأحاسيسك ورغباتك المكبوتة...!!
ثم لماذا عن مجد زائل، لا يصحبك بعد الموت، ولا يقف معك في يوم الدينونة. أمام الديان العادل، الذي لا يتأثر في حكمه عليك برأي الناس فيك، لأن كل شيء مستور، هو عريان قدامه..
ألا يزال عزيز عندك مدح الناس؟ ألست تعرف أن مديحهم زائف: لأنه يكون أحيانا على سبيل المجاملة أو التشجيع أو التملق أو الخجل كما أنهم حتى إن صدقوا وأخلصوا فهم إنما يحكمون حسب الظاهر وليس فيهم من يقرأ فكرك، أو من يعرف نياتك، أو يدخل إلي قلبك ليفحص ما فيه...
يا أخي الحبيب: أنني لا اشك قد أثقلت عليك بأفكار مجتمعة فهل تريد أن أقص عليك قصة، لتكن أذن قصة نبوخذ نصر {دا4: 29-33}: هل تعرف كيف نسب لنفسه مجدًا زائلًا؟ وهل تعرف كيف كانت نهايته؟ إذن ليته يكون درسًا لك...
أتراك تضايقت؟ سامح ضعفي، وأسلوبي الخشن في التعبير. ولكن أهي عادتك باستمرار أن تتضايق من شخص يكلمك بصراحة؟ لا يتملقك، ولا يستعمل معك ألفاظ التفخيم التي يستعملها الناس.. لماذا؟ الأولي بك يا أخي العزيز أن تحب هذا الأسلوب، لأنه يوقفك أمام حقيقتك، وما أشد احتياجك إلى الوقت أمام هذه الحقيقة، حتى تعرف نفسك، تلك المعرفة اللازمة لخلاصك.
ولكن دعنا نناقش الأمر معا. لماذا تريد أن تظهر عظيما أمام الآخرين؟ أهو مركب النقص؟ هل تشعر في ذاتك أنك في درجة صغيرة. وتريد أن تعوض ذلك بأن تكتسب مدح الناس بحرارة عن نفسك حتى لا تظهر أمامهم معيبا، وأن وقفوا منك محايدين لا مدح ولا مهاجمة، لم يعجبك هذا أيضًا وأخذت تتسول مدحهم بأن تحدثهم عن فضائلك حتى يعجبوا بك فيمدحونك..
أهذه هي الحقيقة؟ أن كانت كذلك، فلنحاول مناقشتها معًا:
حسن يا أخي أن تشعر بأنك ناقص وخاطئ وضعيف وأقل من الناس جميعًا، ولكن علاج هذا النقص لا يأتي بإضافة نقص جديد إليه عن طريق محبة مدح الناس، وإنما يأتي بتكميل الذات وإصلاح أمرها.
لماذا يهمك رأي الناس فيك ومدحهم إياك؟ ألعلك ستدخل ملكوت الله ان رشحك الناس لهذا؟! إذن فأعلم أن كثيرًا جدًا من الذين يمدحهم الناس سيلقون في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت..
{وويل لكم أن قال فيكم الناس حسنا} {لو26:6}.
مدح الناس يا صديقي وقتي وزائل. وهم لا يثبتون علي حال. الذين هتفوا للسيد المسيح كملك. صرخوا أيضًا قائلين {اصلبه اصلبه} ومدح الناس أيضًا زائف لأنهم لا يعرفون الحقيقة تماما.
إليك سؤال يهمني أن تجيب عليه أجابة صريحة: لنا بقية غدا بمشيئة الرب