أخبر الآباء عن رجل من أهل دمشق ، وجهه الملك في حاحة ، وفيما هو ماض في طريقه ، وجد انسانا ميتا عريانا علي قاعه الطريق فرحمه ذلك الرجل وخلع ثوبه من عليه والقاه علي ذلك الميت ، ومضي في طريقه . وبعد أيام وجهه الملك في حاجة ، فبينما هو ماض في الطريق راكبا وقع من علي دابته فانكسرت رجله وحمل الي منزله وعولج وبعد أيام فسدت رجله . فتشاور المعالجون فيما بينهم اذا لم تقطع هذه الرجل فجسده يفسد جميعه ويتهرأ . وانصرفوا ووعدوه أنهم يصيرون اليه بالغداه ، فلما فارقوه أمر غلامه أن يتبعهم ويسألهم عما يريدون أن يفعلوه . فقالوا له : رجل سيدك محتاجة الي القطع . اذا صرنا اليه أخرجناه بذلك . فرجع الغلام باكيا وأخبر سيده بقول الأطباء . فحزن ولم يرقد في تلك الليلة ، وكان عنده مسروج فنظر الي انسان وقد دخل اليه نصف الليل من الكوة ، فقال له : ما بالك أيها الانسان حزينا باكيا ، فقال له : وكيف لا أبكي وأحزن وقد أنكسرت رجلي والأطباء يريدون قطعها .
فقال له :
أرني رجلك . فلما أبصرها مسحها بيده وقال له : قم امشي أيضا .
فقال له :
رجل عبد يا سيدي مكسورة وكيف أمشي ؟ ! فقال له : استند علي وامشي . فتقدم يمشي وهولا يعرج ابدا . فقال له ذلك الانسان : يا أخي أن الرب قال في انجيله المقدس : طوبي للرحماء لأنهم يرحمون . وأراد الانصراف فقال له : من أجل خاطر الذي أرسلك أما تعرفني من انت ؟ فأراه ثوبه عليه . وقال له : أتعرف هذا ؟ فقال : نعم يا سيدي كان لي .. فقال له : أنا ذلك الميت الملقي علي الطريق اليذ القيت علي ثوبك ارسلني الله لاشفيك فاشكره وأعمل الرحمة فتخلصك من الآفات وتغفر خطاياك . ولما أتم الكلام انصرف عنه . وقال العليل صحيحا يشكر الله ويسبحه .