قام قداسة البابا تواضروس الثاني اليوم الأربعاء 12 مارس 2014م بإلقاء محاضرته الأسبوعية بعنوان "الحرية" والتي دارت حول تأملات فى انجيل يوم الثلاثاء من الاسبوع الثالث من الصوم المقدس(يو 8 :31 - 39) وجاء بها مايلي:
لعل من أهم القضايا التي شغلت الإنسان منذ بدء الخليقة على الأرض إلى يومنا هذا هي الحرية فهي كلمة لامعة و جميلة في حياة الإنسان, تكلم عنها الكثير من الكتاب و الشعراء و رجال الادب و رجال العلم و السياسة , حتى صارت الحرية واقعا أو خيالا تداعب حياة الانسان.
لكن المهم انك أنت يا من تصير فى طريق الله أن تعرف المعنى الحقيقى للحرية.
هذا الجزء من الكتاب المقدس هو حوار بين السيد المسيح و اليهود حول الحرية .
هناك ما يسمى بالحرية الزائفة مثل الإدمان فيظن المدمن انه قد تحرر فى حين انه لا يتمتع بالحرية لكنه في سجن.
من العبارات الخالدة للقديس اغسطينوس عن الحرية " قد جلست على قمة العالم عندما وجدت نفسي لا أخاف شئ و لا اشتهى شئ"
إذا ماذا تعنى الحرية؟
+ الحرية تعنى أن لا يتحكم في الإنسان شئ , سواء كان هذا الشئ فكر أو شهوة أو غريزة أو أصحاب أو مادة أو عادة أو مال فكل هذه تحرم الإنسان من الحرية الكاملة.
مثل الابن الضال, الذي تعرض إلى فكرة إن بيته سجن فبدأ يتناسى الحرية التي يحياها و اراد إن يترك البيت لكى يتمتع بالحرية و بدأ ينحدر بتدريج حتى وصل إلى رتبة الحيوان و اشتهى طعام الخنازير و لم يجده لكنه في لحظة توبة عرف انه انحدر الى سجن و هذه هى الحرية.
أراد السيد المسيح ان يكلم اليهود عن الحرية و كانوا يظنون أنهم ذرية إبراهيم و لم نستعبد لأحد قط رغم أنهم فى هذا الوقت كانوا عبيد تحت حكم الإمبراطورية الرومانية, و لكن الحرية من الداخل و ليست حسب النسب.
و قال لهم "إن انتم ثبتم في كلامي فبالحقيقة أنتم تلاميذي وتعرفون الحق والحق يحرركم "
فهذا الثبات يحولكم إلى معرفة الحق و معرفة الحق تجعلكم تتمتعوا بالحرية
2- الحرية تعنى إن يتحرر الإنسان من الخطية بكل اشكالها , و العبودية قد تكون حسية أو مادية أو سياسية أو مالية (عبودية الخطية بصفة عامة(
كيف يعرف الإنسان الحرية الحقيقية؟
-1 الثبات فى كلام السيد المسيح.
الثبات : يعنى الحياة فى الوصية الانجيلية باستمرار .
" علة جميع الشرور هو عدم معرفتنا للكتب المقدسة" القديس يوحنا ذهبى الفم
2- الاستمرار فى طاعة الوصية.
أن تكون حياتك كلها حسب الإنجيل فى عملك و دراستك و مع أسرتك و خدمتك و حياتك الخاصة و تكريسك و كل عمل تعمله , كقول الأنبا انطونيوس (ان يكون لك شاهد عما تصنعه من الكتب المقدس) .
أوضح السيد المسيح لليهود أنهم فى حالة خطية و شمولية الخطية , أى شئ يكسر محبة ربنا فى قلبك حتى و لو بالفكر أو القول أو بجميع الحواس, كل من يعمل الخطية
لذلك هناك انواع من الناس
- انسان يسعى الى الخطية (الابن الضال)
- انسان يعيش فى الخطية (السامرية(
- انسان يتمادى فى الخطية (المفلوج(
- انسان كل عمره فى الخطية (المولود أعمى(
فلا توجد حرية بدون توبة من الخطية, فحرية الإنسان تبدأ في داخله في قلبه في توبته , فالانسان الذى يفعل الخطية يصير عبدا للخطية ثم يأتى المسيح لكى يحررنا من الخطية
ففى فترة الصوم المقدس نتحرر من سلطة الطعام لتصير حياتنا ليست من الطعام بل من المسيح. لذلك فداء المسيح الذى قدمه على الصليب و فدائه العجيب اهم ما فيه انه منحنا الحرية.
السيد المسيح يوجه اليك سؤال اليوم "هل تعرف الحرية الحقيقة؟" فصلى اليه اليوم و اطلب منه ان يمنحك الحرية