هناك نجاح واضح في مجال العلم. ونقصد العلم الذي يستخدم لأجل البشرية. وليس المستخدم في هلاكها!
كان النجاح في مجال الذرّة له دوي هائل في تاريخ العالم.
ولكن استخدامها في الحروب وفي تخريب المدن ليس نجاحاً.
نجاح العلم في المجال الطبي هو شرف كبير للعلوم. ومنه إجراء العمليات الجراحية بالليزر. واجراء عملية للجنين في بطن أمه.
كذلك كافة الاكتشافات في عالم الأدوية والصيدلة وقد كان نجاحاً قديماً في عهد الفراعنة ما وصلوا اليه في فن التحنيط.
يضاف إلي هذا نجاح آخر للعلم حالياً في مجال الاجهزة الحديثة. مثل الفاكس. والموتيل فون. والكمبيوتر الذي يتقدم يوماً بعد يوم. كذلك النجاح في الإنترنت واستخدامه في جمع المعلومات في شتي الفنون والأخبار والبحوث العلمية..
ولكن ليس نجاحاً استخدام هذه الأجهزة بطريقة خاطئة!
***
في مجالات النجاح أيضا: النجاح في الحروب:
مثال ذلك نجاح مصر في حرب أكتوبر سنة 1973. حيث أمكننا عبور القناة بطريقة يدرسونها في الكليات الحربية. وبهذا تمكن جيشنا الباسل من استرداد أراضينا في شبه جزيرة سيناء. وسجل هذا النجاح تاريخاً مشرفاً لمصر وقواتها المسلحة.
ومن القصص البارزة في تاريخ الحروب. ما قام به هتلر من انتصارات مذهلة اكتسح بها بلاداً قوية. ولكن نجاح هذا القائد لم يستمر. بل انهزم في معركة العلمين. وضاعت هيبة نجاحه السابق. واعتبر من مجرمي الحرب. وأضطر إلي الانتحار.
يذكرنا هذا بنجاح نابليون بونابرت من قبل. حتي أصبح هو أيضا أسطورة. ولكن استدرج إلي الداخل بطريقة أوقعته في حصار اقتصادي. وانهزم وقبض عليه. ونفي في إحدي الجزر. وكانت نهايته مأساة أضاعت كذلك هيبة تاريخه ونجاحه السابق.
وبهذا خرجنا بنتيجة هامة وهي أن النجاح يحسب باستمراريته.
***
العنصر الأساسي في النجاح ليس هو نقطة البداية فيه. إنما المهم هو نهايته واستمراريته.
ہ مثال ذلك تلميذ بدأ حياته الدراسية ناجحاً ومتفوقاً. ثم صادق مجموعة من الأصحاب أضاعت وقته. أو انشغل بحب فتاة شغلت ذهنه. فما عاد يركز ذهنه في دروسه. أو أنه وقع في عادة رديئة جعلته يهمل مذاكرته. أو أصابه الغرور بسبب تفوقه. فاعتمد علي عقله فقط دون إعطاء الوقت الكافي لاستذكار العلوم.. فلذلك كله فقد التفوق. بل رسب أيضاً. ہ مثال آخر: رجل أعمال أسس شركة كانت ناجحة جداً. حتي تحولت إلي مؤسسة كبيرة. ولاتساعها لم يكن له الوقت الكافي للإشراف عليها. فاستخدم مساعدين وشركاء لم يكونوا علي درجة من الكفاءة والإخلاص. مما اضطر الشركة إلي الاستدانة. ثم انتهي به الأمر إلي الافلاس!_! نهاية لا تتفق مع البداية الناجحة!
ہ مثال ثالث: زوجان بدأت حياتهما الزوجية ناجحة جداً في مشاعر من الحب والألفة والاتفاق. ثم دخلت بينهما عوامل أخري. وانفعالات. واصطدامات في تفاصيل معينة. أو تداخلات من أسرتيهما.. وانتهي الأمر بالخصام والانفصال. ثم بالطلاق!
هل تظنون كل أسرة انتهت بالطلاق. قد بدأت الحياة الزوجية بالنفور والكراهية؟! كلاً. بل غالباً ما تكون قد بدأت بالحب في حياة عائلية ناجحة. ثم انتهت بعكس ما بدأت.
***
علينا إذن أن ندرس قصص الناجحين. ومقومات نجاحهم.
ولعلنا نجد في أسباب النجاح الجوهرية: العقلية وقوة الشخصية
يلزم للنجاح العقلية التي تتصف بالذكاء. والقدرة علي الفهم والاستنتاج مع الذاكرة القوية. وبالإضافة إلي ذلك الحكمة فكثيرون يفشلون في حياتهم الروحية أو المادية أو العائلية أو في معاملاتهم. بسبب نقص في الحكمة وحسن التصرف. أو بسبب عدم إفراز في السلوك الروحي. أمثال هؤلاء يحتاجون إلي ارشاد وخضوع لأبوة واعية حكيمة.
ويحتاجون إلي صلاة لكي يرشدهم الرب في طرقه. ويمنحهم حكمة من فوق من عنده. وبمناسبة أهمية الحكمة في النجاح.. نذكر قول الشاعر:
إذا كنت في حاجة مرسلاً .. فارسل حكيماً ولا توصيه
وإن باب أمر عليك التوي .. فشاور لبيباً ولا تعصيه
***
والنجاح يحتاج إلي قلب قوي. لا تهزمه المشاكل
فإن وقفت مشكلة في طريق نجاحه. لا يهتز ولا يتزعزع. ولا ينزعج بسببها. ولا يخاف ولا يتراجع. بل بعزيمة قوية يصمد. ويفكر في علاج وينتصر. تكون له الأعصاب الهادئة والفكر الهاديء والنفس الهادئة.
وإن فشل مرة. سرعان ما يقوم ولا ييأس.. ولا مانع عنده من أن يبدأ من جديد.. وإن فاتته فرصة يلتمس غيرها. في رجاء وفي صمود.
***
وفي كل هذا يحتاج إلي الصبر والتأني:
ربما لا يدرك النجاح من أول خطوة ولا من أول محاولة. فلا يتضايق بل يصبر. فالنجاح يحتاج إلي مثابرة وإلي مداومة الجهد. والإنسان الذي يدركه الملل والضجر والضيق ولا يستمر. هذا لا يستطيع أن ينجح.
انتظر معونة الرب فسوف تأتيك مهما تأخرت في نظرك. وكل عمل تعمله. لا تقلق علي نتيجته.. انتظر الثمرة حتي تنضج. حينئذ تجدها في يديك بغير صعوبة. ولا تسرع إلي قطفها قبل أوانها...
***
النجاح أيضاً تساعد عليه المواهب
والموهبة منحة من الله. يولد الانسان بها قبل أن يدرسها. وربما دون أن يدرسها. وما الدراسة الا لتنظيم الموهبة لإنشائها. فالشاعر مثلاً يوُلد شاعراً. دون أن يتعلم الشعر كما كان الشعراء في الجاهلية.
أما تعلّم أوزان الشعر وبحوره وتفاعيله. فذلك لمجرد ضبط الموهبة.. ونفس الكلام نقوله عن الموسيقي والفن والرسم.. غير ان الانسان الناجح هو الذي ينمي مواهبه.. ولا يتركها لتذبل دون رعاية.
،، البقية غداً ،، بمشيئة الرب