موضوع: كمالة(2) الإستشهاد المسيحي و مجد الشهداء بقلم المتنيح /الأنبا ياكوبوس الخميس سبتمبر 04, 2014 2:12 pm
الإستشهاد المسيحي و مجد الشهداء
بقلم المتنيح /الأنبا ياكوبوس
أسقف الزقازيق ومنيا القمح
والسؤال الذى يطرح أمامنا، ما الذى دفع المسيحيين لاحتمال أهوال العذابات التى تصيب الانسان بالهلع لمجرد سماعها ؟!
الاجابة على هذا السؤال الذى يبدو غريباً على أذهاننا وعلى مفهومنا ما يلى:
[1] قدمت المسيحية مفهوماً جديداً للألم...
لم يعد الألم أمراً يتعلق بالجسد، لكن غدا له مفهوم روحى يرتبط بالحب – محبة المسيح !! ونحن نرى الحب فى شخص المسيح يسعى نحو الألم ليستخلص من براثنه من اقتنصهم، ويحرر من سلطانه من أذلهم...
لقد تغيرت مذاقة الألم، وأصبح صليب الألم شعار المجد والغلبة والنصرة، بل الواسطة إليها...
فى المسيحية ننظر إلى الصليب على أنه علامة الحب الذى غلب الموت وقهر الهاوية، واستهان بالخزى والعار والألم !!.
لقد أصبح احتمال الألم من أجل المسيح هبة روحية... " لأنه قد وُهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضاً أن تتألموا لأجله." (رسالة فيلبي 1: 29).
وهكذا تبدلت صورة الألم ومذاقته فارتفع إلى مستوى الهبة الروحية !!. وأصبح شركة مع الرب فى آلامه:
" ان كنا نتألم معه لكى نتمجد أيضاً معه " (رساله روميه 8: 17)... " لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته. " (فى3: 10)
وإذا كانت المسيحية هى الحب، فالموت فى سبيلها هو قمة الحب والبذل بحسب تعبير اكليمنضس الاسكندرى: [الاستشهاد ليس مجرد سفك دم، ولا هو مجرد اعتراف شفهى بالسيد المسيح، لكنه ممارسة كمال الحب
[2] علمت المسيحية أن الانسان مخلوق سماوى:
السماء بالنسبة للإنسان هى الهدف الأسمى، والغرض المقدس، هى كل شئ بالنسبة له، هى الكنز الحقيقى الذى يطلبه ويقتنيه.
هى وطنه الأصلى ومستقرة النهائى. هى الوجود الدائم مع الله.
فبداية الإنسان يوم خُلق كانت فى السماء، وسوف تكون فيها نهايته حينما يعود إليها... ومن هنا أحس الإنسان بغربته فى العالم. هذا العالم الفانى الذى سوف يمضى وشهوته معه.
وجعل كل أشواقه أن يعود إلى وطنه الأول السماء.. وأكدت أسفار العهد الجديد هذه الحقيقة...
فيذكر معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى العبرانيين قائلاً: " فى الايمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض." (عبرانيين 11: 23).
ويكتب إلى أهل كورنثوس... "فإذا نحن واثقون كل حين وعالمون أننا ونحن مستوطنون فى الجسد فنحن متغربون عن الرب... فنثق ونسر بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب." (2كو5: 6،.
بكرة اخر جزء بمشيئة الرب
كمالة(2) الإستشهاد المسيحي و مجد الشهداء بقلم المتنيح /الأنبا ياكوبوس