لماذا أعترض يوحنا المعمدان على معمودية السيد المسيح، بينما هو آتى لذلك؟
لذلك نسميه عيد الغطاس الذي فيه أعتمد الرب في الماء بالتغطيس ليعلن نفسه أنه المخلص.. أنه الطبيب الحقيقي الذي جاء ليرفع خطايا البشر.. لم يقف في الماء لكي يقر بخطيئته كما فعل باقي الناس اللذين أعتمدوا من يوحنا.. فهو بلا خطية.. لهذا ذهل يوحنا حينما أعلن له عن ما هو الواقف أمامه لا يعتمد.. لذلك قال له "أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي؟!" (مت 3: 14 لقد حاول أن يمنعه من العماد لأنه بلا خطية.. فلماذا يعتمد؟! فأجاب الرب علي يوحنا قائلًا "اسمح الان لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر. حينئذ سمح له" (مت 3: 15 .
لذلك تحتفل الكنيسة بهذا العيد طبقًا للأمر الرسولي القائل: "فليكن عندكم جليلًا عيد الظهور الالهي الذي هو الغطاس، لأن الرب بدأ يظهر فيه لاهوته (لاهوت الرب يسوع في المعمودية في الاردن من يوحنا.. وعملوه في اليوم السادس من الشهر العاشر للعبرانية، الموافق الحادي عشر من الشهر الخامس للمصريين شهر طوبه " دسقولية 18 .
ونحن نوقر هذا العيد فنتفرغ فيه من كل الاعمال طبقًا للأمر الرسولي: "ولا تشتغلوا في عيد الحميم لأنه فيه ظهر لاهوت السيد المسيح وشهد له الاب في العماد، ونزل عليه الروح القدس بشبه حمامه وظهر الذي شهد له الكل القيام في المكان أن هذا هو الله الحقيقي من حيث طبيعته، وابن الله الوحيد من حيث أقنومه" (المجموعة الصفوي ص 197، 198 .. هكذا عبر الرسل عن أهمية العيد المقدس وقيمة الاحتفال به والتفرغ فيه..
أيضًا أقوال الاباء تؤيد أهمية العيد.. فيقول ذهبي الفم "أن عيد الظهور الالهي هو من الاعياد الاولية عندنا وقد تعين تذكارًا لظهور الاله علي الارض ومعيشته وسط البشر".. وهذا ما أكده القديس أغريغوريوس، والقديس أبيفانيوس في حديثهما عن هذا العيد العظيم في قيمته البشرية.
+ لماذا يُحتفل به ليلًا؟
لقد كان مسيحيوا الشرق يحتفلون بعيدي الميلاد والغطاس طوال الثلاثة قرون الاولي.. وحيث أن الرب ولد ليلًا فكان الاحتفال بالعيدين معًا ليلًا. ولكن بعد اكتشاف موعد العماد منفصلًا عن موعد الميلاد، وذلك من خلال المؤلفات اليهودية للمؤرخين، والتي جمعها تيطس الروماني، ونقلها من أورشليم إلي روما، جعلوهما عيدين يحتفلون بهما في موعدين مختلفين، ولكن ليلًا كعادتهم قبل فصل العيدين. وهكذا أخذ الغرب عن الشرق هذه العادة، وذلك من خلال الانفتاح الذي حدث.. كما شهد كاتيانوس.. "وكان الغربيون ولا يزالون يقيمون في هذا اليوم احتفالًا بسجود المجوس اللذين بواسطتهم أعلن المسيح ذاته للأمم" (راجع اتحاد الكنائس وجه 96.. عظات القديس أوغسطينوس .
ولقد كان المسيحيون القدماء يعمدون الموعوظين في هذا العيد.. ولا يزال بعض المؤمنين يعمدون أولادهم فيه أيضًا.. إنها معمودية بالتغطيس في الماء.. ولعل الربط بين الاثنين ومعمودية المؤمنين هو الماء والروح وأبن الله.. فكما حل أبن الله الكلمة في الماء والروح نازلًا.. هكذا كل من يحل في الماء والروح نازل فانه يصير ابن الله بالتبني وبذلك تظل الايقونة مستمرة.. ننزل مع المسيح في الماء لننال الولادة من الماء والروح باستحقاقات دم المسيح.. لذلك قيل "والذين يشهدون في الارض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد".. 1 يو 5: 8 ..