2- ليلة الغطاس والنيل :
أرتبط نهر النيل بعيد الغطاس حيث أن الـماء عنصر أساسى فى أصل العيد فبعد انتهاء طقس صلاة تقديس الماء والممارسات المرتبطة بماء اللقان داخل الكنيسة، يخرج الجموع من الكنيسة متوجهين إلى نهر النيل ليغطسوا فى الماء. وهذه العادة كانت شائعة فى الماضى، فيغطس الرجال شيوخاً وشباباً وصبياناً وكذا من أراد من السيدات فى نهر النيل. وكان يوجد مكان مخصص للرجال وآخر للسيدات. ثم يعودون إلى الكنيسة لاستكمال طقوس صلاة العيد.
وتجدر الإشارة إلى المدى الذى تعبر به هذه الاحتفالية الشعبية عن المعتقد الدينى. فالسلوك الشعبى باعتياده أن يغطس في النيل ليلة الغطاس التى هى تذكار عماد السيد المسيح رغم شدة البرودة فى هذا الوقت من العام- شهر طوبة- إنما يشير ويؤكد على واحدة من معتقدات الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية وهي ضرورة أن تكون المعمودية بالتغطيس فى الماء. هذا الاعتقاد الذى تتميز به وتخالف فيه الكثير من الكنائس الأخرى. لقد وظف المجتمع الشعبى هذه الممارسة لخدمة معتقداته الدينية، منتهجاً سلوكً رمزياً واعٍ، وموجه فمزج بين المعانى الكنسية والمعطيات البيئية لخدمة أهدافه الدينية.
ولقد أراد الوجدان الشعبى أن يعطى لهذه الممارسة شرعية تزيد من قوة اعتيادها بالإضافة لكونها تشير إلى المعتقد الدينى، فجعلها مرتبطة بالصحة فمن يغطس فى الماء فى هذه الليلة يتمتع بالصحة الجيدة طوال العام فلا تقربه الأمراض أو البرد.
3- مائدة العيد :
كان الطعام ومازال أحد المظاهر المادية للاحتفالات، وتتجلى الكثير من السمات البيئية والشخصية لأية ثقافة فى مائدة احتفالاتها.
القلقاس بالخضرة:
العادة أن الأهالى يطبخون القلقاس بالسلق الأخضر ليلة عيد الغطاس، واستخدام السلق الأخضر لا يرتبط بالعيد بقدر ما هو مرتبط بالقلقاس. فطبخه عادة مايكون مقروناً بإستخدام الخضرة سواء فى مناسبة العيد أو غيرها وعادة طبخ القلقاس فى عيد الغطاس شائعة بين الأقباط عامة. فقد جاء
ذكـرها ضمن مـظاهر الاحتفال بالعيد فى القرن التاسع عشر.
القصب واليوسفى :
يكثر فى الأيام السابقة لعيد الغطاس باعة القصب، فهم يأتون خصيصاً لبيعه فى هذه المناسبة وما يزال القصب علامة مميزة لعيد الغطاس. فكانت المراكب قديماً تأتى من صعيد مصر محملة بالقصب فترسو على شاطئ النيل.
وقد وجد أن أول ذكر لهذه العادة يعود لأيام الفاطميين عندما أدخلوا القصب ضمن الرسوم المقررة بالديوان لهذا العيد. فأصبح من ضروريات المناسبة الذي يتهادون به احتفالاً بالعيد. بالإضافة إلى مص القصب فى هذا اليوم، جرت العادة بتناول فاكهة اليوسفى والبرتقال أيضاً.
لقد كان عيد الغطاس ومازال أحد الأعياد الكبرى لدى الأقباط على المستوى الرسمى الكنسى، وأيضاً المستوى الشعبى الاحتفالى بالمناسبة. ولما كان للماء دور رئيسى فى أصل الاحتفالية الرسمى، فقد لعب أيضاً دوراً هاماً فى الاحتفالية الشعبية، فالمظاهر الاحتفالية التى كانت تقام على ضفاف النيل قديماً، والنزول للغطس فى نهر النيل، والربط بين هذه العادة والتمتع بالصحة الجيدة، وأيضاً الاستبشار بمطر السماء فى هذا اليوم، كلها تمثل انعكاسات احتفالية شعبية لعناصر العيد الرسمى الممثلة فى ماء النهر الذى تعمد فيه وبه السيد المسيح فى هذا اليوم.
عن مجلة رسالة خدام الكلمة التى تصدرها أسقفية الشباب