والذي يعيش في الرجاء، ينظر دائماً باباً مفتوحاً في السماء، مهما كانت أبواب الأرض مغلقة. فالله حينما يفتح لا يستطيع أحد أن يغلق. والإنسان المؤمن يعرف تماماً أن الله يحبنا أكثر مما نحب أنفسنا. ويعرف الخير لنا أكثر مما نعرف الخير لأنفسنا. ويوقن أن الله يدبر أمور الكون كلها حسب حكمته غير المحدودة. ويقول في ضميره إن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله. ونقصد الخير بالمقاييس الإلهيه، وليس الخير بمفاهيمنا البشرية. ويقول أحياناً إذا ضاقت به الأمور: إن المر الذي يختاره الرب لي، خير من الشهد الذي أختاره لنفسي.
والمؤمن يرى ـ في حياة الرجاءـ أن كل مشكلة لها عند الله حل أو عشرات الحلول. وأن كل الأمور التي تمر بنا في حياتنا: إن كانت خيراً فسوف تصل إلينا بكل بركة. وإن كانت شراً، فإن الله صانع الخيرات سيحول الشر الذي فيها إلى خير. والمؤمن يثق أيضاً أن حياته هى في يد الله وحده، وليست في أيدي الناس، ولا في أيدي التجارب والأحداث، ولا في أيدي الشياطين. وما دامت حياته في يد الله، فإن الله سوف يحفظه في سلام، ويحرسه في الليل والنهار، ويحفظ دخوله وخروجه.
لذلك إن كانت لديك مشكلة، فإنتظر الله لكي يريحك وينقذك منها. ولكن لا تنتظر الرب وأنت متضايق وخائف ومتذمر وفي ضجر. وتقول في داخل نفسك: لماذا لم يعمل الرب حتى الآن؟ وأين محبته ورعايته وأين عمله؟! نعم لا تنتظر عمل الرب وأنت في شك من المستقبل، وفي شك من قيمة الصلاة وفاعليتها!! إن كل تلك المشاعر ضد فضيلة الرجاء. فالإنسان المضطرب أو اليائس أو المنهار، إنما يدل على أنه فاقد الرجاء. أما منتظرو الرب فأنهم ينتظرونه في قوة غير خائفين. وإنما يثقون بمواعيد الله السابقة وبصفاته الإلهية المحبوبة، باعتباره الراعي والحافظ والساتر والمعين. وأنه رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين. وأنه يعطينا باستمرار دون أن نطلب وقبل أن نطلب. فكم بالحري إذا طلبنا.
واعرف تماماً أن الله إذا سمح لك بضيقة، فإنما يكون ذلك لمنفعتك. والضيقات هى دائماً مدرسة الصلاة. ربما حياة التنعم تبعدنا عن الله. أما الآلم فأنه يقربنا إليه. فتصير صلواتنا أعمق وأكثر. وتصير أصوامنا أكثر روحانية. إن الضيقات التي احتملها داود النبي، صارت نبعاً لمزاميره، يغنيها على العود والقيثار والمزمار. وصارت ينبوعاً لتأملات روحية وصلوات عميقة تصليها الآجيال من بعده. بل الضيقات أعطته قوة في شخصيته.
ومن جهة الأمراض. فعلى الرغم من أن المرض آفة يحاربها الناس، ويهربون منها إلى الطب والدواء، فإن أمراضاً كثيرة قادت إلى التوبة، وفعلت ما لم تفعله أعمق العظات، وبخاصة الأمراض الخطيرة والمؤلمة. فكم قد أدخلت كثيرين في عهود مع الله، وفي نذور قدموها إليه، وفي حياة جديدة معه، أو في توبة واستعداد للموت. حقاً إن كل الأمور تعمل معاً للخير. لذلك عش سعيداً مهما حدث لك. وقل في ثقة "كله للخير".