آية (3): "جربت قلبي تعهدته ليلًا. محصتني. لا تجد فيَّ ذمومًا. لا يتعدى فمي."
جَرَّبْتَ قَلْبِي. تَعَهَّدْتَهُ لَيْلاً.. لاَ تَجِدُ فِيَّ ذُمُومًا = ربما قصد المرتل أن يقدم قلبه أمام الله ليكتشف الله نقاوته وأنه لا يحمل حقداً ولا غشاً. والليل وقت الهدوء، بعيداً عن الانشغال بكلام الناس وعن الانشغال بالعالم، هناك يرى الله اشتياقاته المقدسة له. ولكن الأقرب لأفكار داود المنسحق والمتألم أن جَرَّبْتَ تشير لامتحان الذهب بالنار فيتنقى. وهذا ما يسمح به الله لأولاده فهو يجربهم ببعض التجارب لتنكشف أمام أعينهم حقيقة ما يدور في قلوبهم فيندمون ويبدأوا طريق التوبة. والليل هنا يشير لوقت التجارب وحينما يتنقى الإنسان لا يجد الله فيه ذموماً = أي شر يستحق أن يُذَّمْ بسببه، وهذه فائدة التجارب. ونرى نتيجة التمحيص أي التنقية = لاَ يَتَعَدَّى فَمِي. هو يقتل كلمات الشر فيتنقى قلبه بالتالي. بل نجد داود بهذا المفهوم يطلب أن يجربه الله أي يجعله يتعرض لبعض الألام ليزداد في النقاوة "جرِّبنى يا رب وإمتحنى، صفِّ كُلْيتىَّ وِقلبى" (مز26: 2). وجاءت الآية في السبعينية " أبلنى يا رب وجربنى. نَقِّ قلبى وكُلْيتَىَّ ".
آية (4): "من جهة أعمال الناس فبكلام شفتيك أنا تحفظت من طرق المعتنف."
كما تحفظ المرنم على أقواله، نجده هنا يتحفظ في أعماله، ولا يعمل عملًا إلا لو كان بحسب وصايا الله= كلام شفتيك. فهو يريد أن يسلك في حياته حسب مشيئة الله.
آية (5): "تمسكت خطواتي بآثارك فما زلت قدماي."
لقد سلك المرنم الطريق الضيق، طريق الوصية، التي من يسلك فيها لا تزل قدماه.