فرصة ذهبية لمن يشعر بدينه الثقيل امام الله ان يملأ قارورة بطيب كثير الثمن و بطيب خاطر و سرور يكسرها عند قدمى الرب يسوع ليسمع “مغفورة لك خطاياك” و ان يكن ذاك الطيب قدمته المرأة الخاطئة فى صورته المحسوسة منذ الفى عام مصحوبا بحب كثير “احبت كثيرا” لكننا نستطيع نحن فى حب ان نملأ قارورة الذات بنوع آخر من الطيب ، طيب الصفح عما يوجه الينا من اهانات و مظالم و اتهامات باطلة و هناك عند قدمى المخلص، نكسر ذواتنا و نحن على يقين ان ما يصوب نحونا من مضايقات الآخرين انما هو هبة .. منحة ، لكى فى دالة ندعو الله “يا ابانا … اغفر لنا .. كما نغفر نحن ايضا للمذنبين الينا”
الصفح عن المسيئين امر غاية فى الصعوبة ،كرامتنا غالية عندنا ،فماذا يدفعنا الى نسيان ذواتنا و ننسى معها الاساءات ؟
لأن غفران الله لنا موقوف على غفراننا للآخرين “اغفروا يغفر لكم” (لو ٣٧ : ٦ ) “ان لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم ابوكم ايضا زلاتكم” (مت ١٥ : ٦) ونحن مديونون بما هو اثقل بكثير جدا من كل ما يوجه الينا من إساءة لأنها من عبد الى عبد مثله، اما تلك الموجهة من العبد الى السيد فكم وكم يكون جرمها، لذلك فغفران الله لنا مقابل غفراننا للآخرين هو ربح جزيل لمن يعى ، و قد اعطى الرب مثلا لذلك فقارن بين العبد المديون بعشرة آلاف وزنة و سامحه سيده و لكنه خسر هذا الغفران بجهله لما رفض ان يعفو عن العبد رفيقه المديون له بمئة دينار، أى خسارة خسرها ذلك العبد القاسى ،لا قيمة للمئة دينار مقابل عشرة آلاف وزنة، و الغريب ان نفس الخطايا التى ترتكب فى حقنا نسقط نحن فيها بصورة او بأخرى بقصد او بدون قصد و ربما فى خطايا اشنع منها. علينا قبل ان نقف موقف الدائن ان نتذكر انه فيما نحن نطالب بما لنا اننا سنطالب ايضا بما علينا من ديون ثقيلةاذن كل عفو صادر مني من القلب عن المذنبين الينا كأنه يحرر مقابله من الرب عفوا لصالحى مكتوب عليه اسمى انا .
ان صك الغفران لخطاياى الكثيرة الذى منحه الله للمؤمنين بصليبه المقدس و كل ما قدمه لأجلنا مشروط بغفراننا للمذنبين الينا ، فلا نكن بخلاء فى غفراننا للآخرين او بالأصح لا نكن بخلاء مع انفسنا.
حبنا للأب السماوى يجعلنا نخجل من ان ننتقم من أولئك الذين تأنى عليهم و لم يهلكهم سريعا. كان فى مقدور الله ان يحل عقابه بهم “لى النقمة انا اجازى يقول الرب” (رو ١٩ : ١٢ ) و لكنه أحبهم و ينتظر خلاصهم ، الله وحده يعرف الى متى يتأنى ، و متى يعاقب الظالمين.
النفس النقية التى عرفت الصفح يجللها الله ببهاء ملائكى وهذا ما قيل عن استفانوس الذى امتلأ قلبه بالصفح و الغفران اثناء محاكمته “فشخص اليه جميع الجالسين فى المجمع و رأوا وجهه كأنه وجه ملاك” (اع ١٥ : ٦ ) . بل تعود النفس الغافرة الى صورة الله و مثاله كما يقول القديس يوحنا ذهبى الفم [ ليس شىء يجعلنا شبه الله مثل استعدادنا للصفح عن الاشرار و صانعى الاثم] .