+ قال القديس دوروثيئوس :
أنه لا شيء أردأ من الدينونة للأنسان لأن بسببها يتقدم الي شرور ويسكن في شرور ، فمن دان أخاه في قلبه وتحدث في سيرته بلسانه ن وفحص عنأعماله وتصرفاته وترك النظر فيما يصلح ذاته ، وانشغل عما يلزمه بما لا يلزمه من الأمور التي ينشأ عنها الازدراء والنميمة والملامة والتعيير ، فحينئذ تتخلي المعونة الألهية عنه ، فيسقط فيما دان أخاه عليه .
+ قال أنبا زينون :
أن كنت تريد ان تقطع عروق شيطان الزني ، وتهلكه عنك ، فكيف عن دينونة الناس كلهم ، ولا تقع بواحد من ورائه ،وقر بخطاياك دائما ، فهذا هو عون لك وسلاح قوي ، أما أن أسلمت نفسك لكثرة الكلام ، فأن الملاك الذي معك يتنحي عنك ، ويلتقي بك الشياطين أعداؤك ، ويمرغونك في دنس الخطية .
+ كان أحد الأخوة :
يري نعمة الله علي الهيكل ، فلما قال ، لأخيه : لم تأكل مبكراً ؟ . ارتفعت ولم يرها بعد .
+ وقيل أيضاً :
كان أخوان كنونيون ، واستحق أن ينظر كل واحد منهما نعمة الله علي أخيه . فعرض لأحدهما أن يخرج يوم الجمعة خارج الكنونيون ، فرأي أنساناً يأكل مبكراً ، فقال له ، أفي هذا الوقت تأكل يوم الجمعة ؟ ! .. ولما كان الغد رآه أخوه ولم يبصر عليه النعمة التي كانت تري عليه ، فحزن لذلك ، ولما جاء الي قلايته قال له : ماذا عملت يا أخي ؟ قال : ما عملت شيئا حتي ولا فكرت فكراً رديئاً . قال له : ألم تتكلم بشيء ؟ فقال : نعم بالأمس رأيت أنسانا خارج الكنونيون يأكل مبكراً ، فقلت له : أفي هذا الوقت تأكل يوم الجمعة؟ فقام بالصلاة مدة أسبوعين وسأل الله بتعب ، فظهرت نعمة الله علي الأخ ، فشكرا الله كلاهما .
+ من خبر لتأدرس الرهاوي :
كان بتلك النواحي حبيس قديم فمضي اليه القديس تادرس الأسقف ، وسأله أن يعرفه بسيرته من أجل الرب . فتنفس الحبيس الصعداء وتنهد من صميم قلبه وذرفت دموعه وقال : أما سيرتي فأني أخبرك بها ، أنما لا تشهرها لأحد ألا بعد انتقالي . فاعلم أيها الأب ، أني خدمت بدير ثلاث سنوات مع اخ أكبر مني ، وبعد ذلك جئنا الي البرية في بابل القديمة ، وسكنا مقابر لم يبعد بعضها عن بعض كثيرا ، وكنا نتغذي من الحشائش لغذائنا ، يتراءي مع كل واحد منا ملاك يحفظه ، ولم يكن أحدنا يخاطب طائراً كأنه نجا من فخ ، ومضي هارباً الي قلايته ، فلما عجبت من قفزته ، مضيت الي ذلك الموضع لا تحقق الأمر ، فوجدت هناك ذهبا كثيرا ، فأخذته ثم جئت الي المدينة وابتعت موضعا لضيافة الغرباء ، وأبتعت برسمه مواضع كافية للانفاق عليه ، وأقمت عليه رجلا خبيرا بتدبيره ن أما باقي المال فقد تصدقت به علي المساكين حتي لم أبق لي منه ولا ديناراً واحداً ، ثم عدت طالباً قلايتي ، وفكري يوسوس لي قائلا : أن أخي من فشله ما استطاع تدبير ما وجده من المال ، أما أنا فقد دبرته حسنا . وفي حال تفكري بهذا ، وجدت نفسي وقد وصلت بقرب قلايتي ، ورأيت ذلك الملاك الي كان قبلا يفرحني واذا به ينظر الي نظرة مفزعة قائلا لي : اماذا تتعجرف باطلا ؟ ! أن جميع تعبك الذي اشغلت نفسك فيه كل هذه الأيام ، لا يساوي تلك القفزة الواحدة التي قفزها اخوك ، لأنه ما جاز عن حفرة الذهب فحسب ، بل عبر ايضاً تلك الهوة الفاصلة بين الغني ولعازر ، واستحق لذلك السكني في احضان ابراهيم ، من أجل ذلك فقد أصبح حالك ليس شيئا بالنسبة لحاله بما لا يقاس ، وها هو قد فاتك كثيرا جدا ، لهذا صرت غير أهل لأن تري وجهه ، كما لأن تحفظ برؤياي معك بعد . وأذ قال لي الملاك ذلك غاب عن عيني . ثم أني جئت الي مغارة أخي قلم أجده فيها ، فرفعت صوتي باكيا حتي لم يبق في قوة للبكاء ، وهكذا أقمت سبعة أيام اطوف تلك البرية الي ههنا ، فأقمت في هذا العمود 49 سنة محاربا أفكاراً كثيرة ، وشياطين ليست بقليلة ، وكان غلي قلبي غمام مظلم وحزن لا يمازحه عزاء ، وفي السنة الخمسين ، في صبيحة أحد أشرق قلبي نور حلو ، قشع عني غمام الآلان ، وبقيت مبتهلاً بقلب خاشع متندبا بدموع ذات عزاء ، فلما جازت الساعة الثالثة من النهار ، وأنا ملازم للصلاة قال لي الملاك : السلام لك من الرب والخلاص . فتغزي قلبي .