+ قال الأنبا موسي الأسود :
كل الأمور الروحية بختبرها الانسان بالافراز ويميزها ولن يأتينا الافراز ما لم تتقن أسباب مجيئه وهي :
السكوت لأنه كنز الراهب ، والسكوت يولد النسك . والنسك يولد البكاء ، والبكاء يولد الخوف ، والخوف يولد الاتضاع ، والاتضاع مصدر التأمل فيما سيكون . وبعد النظر يولد المحبة . والمحبة تولد للنفس الصحة الخالية من الاسقام والامراض ، وحينئذ يعلم الانسان أنه ليس بعيدا من الله فيعد ذاته للموت .
( د ) نتيجةعدم الافراز في النسك
+ قال القديس أنبا أنطونيوس :
ان قوما عذبوا أجسادهم في النسك ولم يجدوا الافراز . فصاروا بعيدين عن الله .
+ قال أنبا أوغريس :
" ممدوح هو الانسان الذي يربط النسك بالفهم ، لكي تروي النفس من هذين النوعين ، وتظهر النسك بقتل الأعضاء التي علي الأرض ، اعني الزني والنجاسة والأغراض الشريرة " .
+ قال القديس قسيانوس الرومي :
" انه كان شيخ اسمه ايرينيس ، هذا – منذ أيام قلائل – كابد سقطه يرثي لها قدام أعيننا اذ تهزأت به الشياطين ، فهبط من تلك الرفعة الي قاع الجحيم بسبب شظف الطريق الذي سلكه ، اذ سكن البراري منذ 50 سنة مستعملا التقشف والنسك ، طالبا أبداً أطراف البرية والتفرد أكثر من أحد ، فهذا – بعد الأتعاب الكثيرة تلاعب به أبليس وطرحه في ثقيلة ، وسبب به للآباء القدماء الذين في البرية ولكل الاخوة مناحة عظيمة ، ولو أنه استعمل الافراز لما لحقه ، وذلك أنه تبع فكره في الأصوام والانفراد بعيدا عن الناس لدرجة أنه حتي ولا في يوم الفصح المجيد كان يحضر مع باقي الآباء الي الكنيسة كي لا يضطره الحال الي أن يأكل مع الآباء شيئا مما يوضع علي المائدة ، مثل القطانيا او غيره ، لئلا يسقط عن الحد الذي حدده لنفسه من النسك ، فهذا ظهر له الشيطان بشبه ملاك نور فسجد له واقنعه أن يرمي نفسه في بئر عميقة ليتحقق عمليا عناية الله ، وأنه لن يلحقه ضرر لعظيم فضيلته ، ولما لم يميز بفكره من هو هذا المشير عليه بهذه المشورة لظلام عقله ، فطرح نفسه في بئر في منتصف الليل ، وبعد زمان ، عرف الاخوة امره ، وبالكد والتعب الكثير انتشلوه وهو بين الحياة والموت ، ولم يعش بعد ذلك سوي يومين ومات اليوم الثالث ، وخلف للاخوة حزنا ليس بقليل . وأما الأب بفنوتيوس ، فلما حركته محبته للبشر ، أمر بأن يقدم عنه قربان مثل المتنيحيين ، ذاكرا اتعابه الكثيرة وصبره علي شقاء البرية " .
+ وحدث لألبينوس الطوباوي :
أنه في وقت من الأوقات مضينا الي الاسقيط وكان بيننا وبين الاسقيط 40 مرحلة ، أكلنا فيها دفعتين وشربنا ماء ثلاثة أيام وهو لم يذق فيها شيئا ، بل كان يتلو محفوظاته وما كنا نلحقه ماشيا ، وهكذا ضبطه العدو أخيراً لما اقتنع برأية وفي عروض ذلك أمسكته حمي محرقة في أمكنة الجلوس في القلاية ، فمضي الي الاسكندرية ولعل كان بسياسة الهية كما قيل : " دفع مسماراً بمسمار " لأنه أسلم ذاته باختيار لعدم الافراز فوجد فيما بعد خلاصا غير طوعي ، فصار يحضر المشاهد ( المسارح ) وطرد الخيل ، ومن كثرة أكله وغرامه بشرب النبي مال جدا لمحبة النساء ، ولما شارف الوقوع في تلك البئر ، حدث له – ولعله بسياسة الهيئة – أن مرض في أعضائه مدة ستة أشهر حتي أن تلك الاعضاء تهرأت وسقطت منها وبها ، وفيما بعد بريء ، فانتبه وذكر السيرة السمائية واعتراف بجميع ما عرض له للآباء القديسين ، ولم يفسخ له الأجل فتنيح بعد أيام قلائل .