لا يمكنك أن تمنع الآخرين من الكلام، سواء بالجيد أو بالرديء، غير أنه من المناسب أن تسأل نفسك: هل صدر عنك ما يستحق اللوم ؟ أو يوجد فيك ما يستحق المدح، فإذا كنت مستحقاً للملامة اشكر الله الذى يؤدّبك هنا، وإذا كان فيك ما يستحق الشكر فالفضل يرجع إلى الله.
ولتعلم جيدا أن قبول المديح يسحب من رصيدكً، بينما احتمال اللوم والتجريح يضيف إلى رصيدك !!، فهذا يضيف إليك اتضاعاً وتزكية قدام الله، بينما ذاك يسحب منك الانسحاق ويفقدك الدالة التى لك عند الله. البعض يتألمون من النقد بسبب أنهم ربما أعثروا الآخرين، والبعض الآخر يحزنون من النقد لأن في ذلك مساس بكبريائهم.
يروى عن القديس الأنبا بيمن أنه واخوته أرادوا السكني في موضع كان من قبل معبداً للوثن، فاتفق معهم على التزام الصمت لمدة اسبوع قبل أن يقرروا الحياة في ذلك المكان، أمّا هو فقد كان يقف أمام تمثال الوثن في المكان عند الصباح، ثم يشتمه ويضربه ويلقي عليه الرماد، فإذا حل المساء عاد ليقف أمامه ولكن ليمسح عته التراب ويقبله ويعتذر له عما بدر منه في الصباح، واستمر على ذلك طوال الأسبوع فلما حل اليوم الأخير سأله اخوته متعجبين مما كان يصنعه، فسألهم بدوره هل كان الصنم يحزن متى أهنته ؟ أجابوه لا، ثم عاد ليسأل من جديد: وهل كان يفرح ويسرّ متى اعتذرت له أجابوه بالنفي. وعندئذ قال لهم: إن كنتم تودون أن نسكن معاً فليكن كل منا مثل هذا الصنم.
بقى أن أقول أنه لا يوجد انسان لا يتأثر بالكلام سواء المديح أو الذمّ، ولكن للتأثر درجات حسب القامة الروحية.