***
6- القيامة أيضاً لازمة لتقدم لنا الحياة المثالية التي فقدناها هنا علي الأرض:
تقدم لنا صورة الإنسان المثالي الذي بلا خطية. بل لا يعرف مجرد فكر الخطيئة. وحياته براءة كاملة وبساطة ونقاء..
كذلك تقدم لنا خبرة العشرة الطيبة مع الله وملائكته وقديسيه..
مع صورة للحياة الجميلة الرائعة في العالم الآخر. حيث لا حزن ولا بكاء. ولا مرض ولا تعب. ولا فساد ولا ظلم. ولا عيب ولا نقص. بل حياة النعيم الأبدي.. ما أجمل هذا وما أروعه!
***
7- بالقيامة نري السماء. ونحيا فيها:
لأنه أمر محزن حقاً. أن تكون كل حياتنا علي الأرض. في علاقة دائمة مرتبطة بالمادة..! وتبقي علاقتنا بالسماء مجرد علاقة فكرية نظرية. دون أن نرتبط بها عملياً ونختبر الحياة فيها...
ولكننا بالقيامة سوف نحيا في السماء. فيكون الارتقاء بالقيامة ليس فقط لطبيعتنا. إنما أيضاً لمكان سكنانا.
***
8- القيامة ضرورية لجمع شمل الأحباء:
سيكون أمراً محزناً بلا شك. لو أن الموت استطاع أن يفصل أفراد الأسرة الواحدة. فلا يرون بعضهم بعضاً بعد موت كل منهم. وكذلك الفصل بين الأصدقاء والأحباء. وكل الذين تزاملوا معاً وتعاونوا في هيئة واحدة أو في عمل واحد.. ويري كل هؤلاء - أنه بالموت - انتهي اللقاء بينهم إلي الأبد!
إنها حقاًَ تكون مأساة في عالم الحب والصداقة والزمالة. وفي عالم القرابة والأسرة أيضاً. أن تنتهي كل تلك العلاقات الحميمة والعميقة إلي شئ. وتصبح وكأنها كانت مجرد خيال. أو كانت مجرد قصة وطويت صفحاتها...!
لذلك فالقيامة ضرورة لجمع شمل كل أولئك. واستمرار العواطف والمشاعر. وتحويل الحزن إلي فرح.
***
9- القيامة ضرورة أيضاً لانتصار الحياة
لقد خلقنا الله لكي نحيا. لا لكي نموت. ولكن بسقوط الإنسان الأول في الخطيئة. تعرض لحكم الموت. وملك الموت علي جميع البشر. وانتصر علي الحياة التي فيهم ووضع لها حداً.
ولم يكن لائقاً أن ينتصر الموت علي الحياة.
وكان الحل هو القيامة. فإذا بالله الحنون الحكيم. الذي سمح أن يدخل الموت إلي طبيعتنا. يسمح أيضاً أن تدخل القيامة إلي طبيعتنا. وبالقيامة انتصرت الحياة أخيراً.
وكان انتصار الحياة فوق ما نتصور. لأن الله لم يمنحنا بالقيامة حياة عادية. بل حياة أبدية.
***
القيامة قوة
إن القيامة بلا شك هي دليل علي قدرة الله غير المحدودة:
الله الذي خلق الوجود كله من لا شئ. هو قادر أن يعيد الحياة إلي من يشاء في هذا الوجود. وإن كان قد خلق أجسادنا من تراب الأرض. فهو قادر أن يعيدها من تراب الأرض مرة أخري.. أليس هذا أسهل بكثير من خلقه الكون من العدم؟! من العدم خلق تراب الأرض. ومن التراب خلق الإنسان...
أيهما الأصعب إذن؟ الخلق من العدم. أم إقامة الجسد من التراب؟
إن الذي يقدر علي العمل الأصعب "وهو الخلق". من البديهي أنه يقدر علي العمل الأسهل "وهو إقامة الأجساد". والذي منح الوجود. يقدر بالحري علي حفظ هذا الوجود.
***
فالذي يتأمل القيامة من هذه الناحية. انما يتأمل القدرة غير المحدودة التي لإلهنا الخالق. الذي يكفي أن يريد. فيكون كل ما يريده. حتي بدون أن يلفظ كلمة واحدة. أو يصدر أمراً.. انها ارادته الالهية. التي هي في جوهرها أمر فعّال قادر علي كل شئ.
اننا نسمي القيامة معجزة. ليس لأنها أمر معجز أو صعب. وانما لأن عقلنا البشري القاصر يعجز عن إدراكها وعن فهم كيف تكون.
ولكن ان كان العقل يعجز. فإن الايمان يمكنه أن يدرك.
الإيمان دائرته أوسع وأعمق. لذلك فانه يقبل القيامة وكل ما يتعلق بها. معتمداً علي الوحي الإلهي...
***
لهذا فان القيامة يقبلها المؤمنون. بينما يرفضها الملحدون الذين يرفضون الله نفسه..!
وكذلك أنصاف العلماء. والعقلانيون الذي يرفضون كل ما لا يستطيع أن يستوعبه عقلهم القاصر المحدود.
هؤلاء وأولئك: كما يرفضون القيامة. يرفضون أيضاً الخلق من العدم. ويرفضون كل أنواع المعجزات!.. ينقصهم الإيمان.
كذلك يرفضون الوحي. وخلود الروح. وأموراً أخري كثيرة.
نترك هؤلاء جانباً. فنحن ههنا نتحدث إلي المؤمنين.
***
إن القيامة في جوهرها. تعتمد علي الله تبارك اسمه:
تعتمد علي ارادته. وقدرته. ومعرفته...
فمن جهة الارادة. هو يريد للانسان ان يقوم من الموت. وان يعود إلي الحياة. وقد وعده بالقيامة والخلود. وما دام الله قد وعد. اذن فلابد انه سيتمم ما قد وعد به.
ومن جهة المعرفة. فالله يعرف أين توجد الأرواح التي سيعيدها إلي أجساد. ويعرف أين بقايا الأجساد وعظامها...
ومن جهة القدرة. هو قادر علي كل شئ. لا يعسر عليه شئ. وقدرته غير محدودة. فوق العقل والفهم.
***
إن المؤمنين. الذين يؤمنون بالله وقدرته ومواعيده. والذين يؤمنون بالمعجزة. ولا يهم أمثلة عنها في الكتاب وفي التاريخ. وربما في حياتهم الخاصة أيضاً.. هؤلاء يؤمنون بالقيامة وينتظرونها.
نشكر الله الذي منحنا الرجاء في الحياة الأخري بعد الموت.