التوبة هى الصحوة الروحية التى فيها يتحرك الإنسان بوعى كامل وإصرار ثابت من منطقة الخطية والتعدى، إلى حضن المسيح، وحياة الكنيسة والتوبة فى كنيستنا الأرثوذكسية، وبحسب المفهوم الكتابى يجب أن تشمل على :
الندم على الخطيئة
من كل القلب بحيث يشعر التائب أن
ما عاشه نوع من الموت الروحى، والإنفصال عن الله، والتدبير المستمر للكيان الإنسانى. فالخطيئة - بالقطع - تدمر الروح الإنسانية، إذ تحرمها من نسيم الروح القدس، وفرحة الرضا الإلهى. كما أن الخطيئة تدمر الذات، فالعقل المنشغل بالآثام، يستحيل أن يكون قادراً على التركيز والإنتاج، كما لا يمكن أن يكون مستنيراً بنور الله، قادراً على الإفراز والتمييز، وعلى إختيار القرار السليم والخطوة الصائبة. كذلك تدمر الخطيئة النفس، فالنفس الآثمة تكون دائماً مرتبكة ومنفلتة وغير متماسكة، فاقدة للسلام والسعادة "لاَ سَلاَمَ قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ" (إش 22:48). بينما تكون النفس التائبة المنضبطة بالروح، والمقدسة بالنعمة، قادرة على قمع تيارات الإثم العاملة فى الداخل والخارج معاً، إذ تسيطر بقوة الروح القدس على غرائزها، وحاجاتها النفسية، وعلى عاداتها وعواطفها وإتجاهاته فتصير نفساً هادئة، يشع منها سلام سمائى. كما أن الخطيئة تدمر الجسد، فالنجاسة أمراضها الخطيرة، وأخطارها الإيدز الذى يحطم جهاز المناعة، والكالاميديا التى تصيب الأثنى بالعقم الهريس المؤلم والضار وكذلك التدخين الذى يدمر الرئتين والقلب والمعدة والإبصار... والمخدرات التى تسبب فى ضمور العقل... والخمر التى تتسبب فى سرطان الكبد وفشل الكلى. كذلك فالخطيئة تدمر العلاقات الإنسانية، إذ يستحيل على إنسان أن يقبل التعاون والصداقة مع إنسان شرير ومنحرف... هكذا تكون التوبة هامة فى حياة الإنسان، وأول مقوماتها الندم على الخطايا، وهكذا يتقدم التائب إلى...
العزم على ترك الخطيئة
فبدون هذا العزم، يتحول التائب إلى إنسان يتمنى دون أن يجاهد، ويتكلم دون أن يفعل. مظهراً للرب نية صادقة فى التوبة والجهاد والحياة المقدسة.
الإيمان بدم المسيح
فبدون هذا الدم الإلهى يستحيل أن يخلص إنسان، لأن دم المسيح: يغفر لنا خطايانا.. "لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا" (أف 7:1، كو 14:1).
- يطهرنا من كل خطيئة... فالغفران يخص الماضى، أما التطهير فيخص الحاضر "وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ" (1يو 7:1).
- يقدسنا للرب... "لِذَلِكَ يَسُوعُ أَيْضاً، لِكَىْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ" (عب 12:13). والقداسة هنا تعنى التخصيص، بحيث يكون الإنسان بكل كيانه للرب.
- يثبتنا فيه... "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِى وَيَشْرَبْ دَمِى، يَثْبُتْ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ" (يو 56:6) فالتناول من جسد الرب ودمه هو وسيلة إلهية قوية للثبوت فى الرب، فكراً، ووجداناً، وسلوكاً...
- يحينا حياة أبدية... لأن "مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِى وَيَشْرَبُ دَمِى، فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ" (يو 54:6) فالتناول إذن هو طريق الملكوت والخلود. الإنسان التائب لا يعتمد على زراعه البشرى الضعيف، خلواً من القوة الإلهية، والنعمة المخلصة لجميع الناس، أنه يجاهد قدر طاقته كى لا يسقط، ولكنه يعتمد على اقتدار الرب فى الخلاص، ومعونة نعمة الله العاملة فيه.
،، البقية غداً ،، بمشيئة الرب