وكما أخفى فضائله أخفى بالتالي تدبيره الروحي، فعندما أُعلن في الإسقيط عن صوم لمدة أسبوع (بتدبير من شيوخ الإسقيط لأمر ما) زار القديس موسى رهبان من مصر، فصنع لهم طعامًا مطبوخًا، ولما لاحظ البعض ذلك تذمروا لدى كهنة الإسقيط بأن موسى يكسر تدبير الجبل، ولما كان يوم السبت هو اليوم الذي يجتمع فيه الرهبان لمناقشة قضاياهم وتبادل خبراتهم وتمجيد الله، فقد تناقشوا معه في ذلك، فلما تحققوا الأمر أدركوا أنه تمسك بوصية الله عن المحبة، متجاوزًا لبعض الوقت التدبير المؤقت، كما علموا منه أنه لم يأكل معهم، ولاشك أنه كان يعوض ذلك بصوم أشد في وقت لاحق ذلك في حالة اشتراكه هو في الطعام مع ضيوفه.
**************************************************
وقد سأل بعض الإخوة شيخًا بخصوص أنّ القديس صنع طبيخًا وأكرم زائريه مخالفًا للصوم، ثم قال له الكهنة: "حللتَ وصية الناس وثبّتَّ وصية الله". فقال الشيخ: "لعل إنسانًا كان محتاجًا إلى صلاة وصوم، فنادوا في الأسقيط من أجل صوم أسبوع (ورد في بعض المصادر أنه شخص من الإسكندرية). أما السبب في أنّ أنبا موسى حلَّ هذه الوصية فهو أنه لما كان لصًا كان قد عمل شرورًا كثيرة مع الناس، فصار بعد توبته يهتم بقبول الغرباء ويخدمهم، وكان مجتهدًا أكثر من جميع الآباء في هذه الفضيلة لكي يُرضي بها الله. ولما جاء هؤلاء الإخوة في ذلك الأسبوع زاروا آباء آخرين ولم يصنعوا لهم طبيخًا بسبب الصوم، ولما ذهبوا إلى أنبا موسى قبلهم بفرح ونيّحهم، فأكمل ناموسه في قبول الغرباء الذي به يُرضي الله، وفي نفس الوقت لم يأكل معهم ولم يحلّ قانون الصوم. ولما تذمّر بعض الإخوة وقالوا للكهنة وعدوهم أن يلوموا القديس، ولكنهم لما رأوا عظم تدبيره وتعبه وشقاء جسده، وربما أخبرهم الإخوة الغرباء أنه لم يأكل معهم طبيخًا، تعجّبوا من حُسن إفرازه ومجّدوه جدًا. وهؤلاء الكهنة هم رئيس الدير وقسوس الموضع الذين في أيامهم كان ينزل على القربان شبه نسر ولا يراه أحد غير الكهنة].