إن مبدأ الروح وليس الحرفية. يصلح أيضاً في التربية.
وذلك بتعليم النشء مبادئ يسير عليها. وليس إغراقه في عديد من الوصايا لا يدري عمق روحها.. وكما قال الشاعر: إذا كنتَ في حاجةي مرسلاً .. فارسل حكيماً ولا توصيه
وإن باب أمرِ عليك التوي .. فشاور لبيباً ولا تعصيه
نعم. إنه في الحكمة. يمكن ممارسة روح القانون وروح الوصايا جميعها. وليتنا نربي أبناءنا علي الحكمة في التصرف. ونترك لهم موازين التفاصيل لكي يدبروها بالحكمة دون الاعتماد علي حرفية النصوص. فليست التربية هي مجموعات من الأوامر والنواهي. إنما تأتي بالروح التي توصل إلي الحياة الأفضل.
***
كذلك الأسرة وتماسكها. لا تسير بمجموعة نصوص من قانون الأحوال الشخصية. إنما بروح المحبة والتفاهم بين الزوحين. فلا يتمسك الزوج بعبارة "الرجل رأس المرأة" أو بعبارة "الرجال قوامون علي النساء". إنما يدخل إلي الحياة الزوجية بروح المودة والتآلف. التي تجعل المرأة تخضع لزوجها عن حب وبذل. وليس خضوعاً لسيطرة مفروضة عليها من الرجل..!
ونحن نصل إلي تثبيت هذه المودة بالتفاهم وبالاقناع الذي هو أقوي من أي نصوص في القوانين. إنه الروح وليس الحرف.
***
إننا نأخذ درساً في الروح والحرفية. من قصة الكرمة. والفرق بين عنب التكعيبات والعنب الأرضي. في التكعيبات تستند كرمة العنب علي التكعيبة وتنتشر عليها. بحيث إذا لم توجد التكعيبة. تقع الكرمة وفروعها علي الأرض وتفسد. أما العنب الأرضي فيربي بحيث يرتكز علي ذاته. دون أية دعامة تسنده من تكعيبة. وهكذا لا يسقط علي الأرض.
إن التكعيبة تمثل في الحياة الحرفية للإنسان مجموعة الأوامر والنواهي التي إن لم يرتكز عليها يضل طريقه في الحياة. أما العنب الأرضي. فيمثل حياة الإنسان المرتكز علي ذاته. بقيم ومبادئ داخل نفسه. تثبت مسيرته في الخير. دون أن يسأل في كل طريق يسلك فيه ماذا أفعل لكي لا أخطئ؟
***
وكما تكلمنا عن القوانين والوصايا. نتكلم أيضاً في محيط الحياة الدينية. وهل هي تعتمد علي مجرد آيات ونصوص؟ كثيرا ما يُستخدم نص معين. أو إحدي الآيات. في توجيه حياة الإنسان في اتجاه ما. علي غير ما يقصده الدين!! فالدين ليس مجرد آية واحدة. ربما قيلت في مناسبة معينة. لغرض خاص. إنما الدين هو تعليم شامل متكامل يوجه الحياة الإنسانية كلها نحو الخير والفضيلة والصالح العام. وحكيم هو الإنسان الذي يفهم الدين كله في روحه. دون أن يتعلق بآية واحدة. عن غير فهم بالقصد منها..!
وبنفس الوضع. سنتحدث عن الفضائل الدينية. في روحها وليس في مجرد الشكل والنص والحرف.