لا تظن أن الكرامة كل الكرامة في أن تتحدث. أو أن تكون الباديء بالحديث. أو أن تمسك بناصية الحديث. وتسيطر عليه. وتقوده. وتكون البارز في الكلام!!
وربما يكون صمتك أكثر كرامة لك أمام الناس من كلامك
فقد تبدأ الحديث ارتجالاً وبغير دراسة. ويقف غيرك ممن درس الموضوع أكثر منك. فيحلل رأيك وينقده. ويُظهر ما فيه من أخطاء أو نقط ضعف.. بينما لو أنك تأخرت في الحديث. حتي تسمع أولاً ما يقوله غيرك. لكان كلامك أكثر احتراساً. واحتفظت بكرامتك.
"1" في حديثك راع الدقة والدماثة والأدب.
حقاً ما أجمل آداب التخاطب. بها تكسب أصدقاء..
بها تكسب محبة الناس واحترامهم. إذ تأسرهم رقة أسلوبك. وهذه الرقة في الحديث تتمشي مع فضيلة الوداعة. فالوداعة تتميز بطيبة القلب. والقلب الطيب يتناقش بطريقة طيبة. ولا تصدر عنه كلمة قاسية أو جارحة. وهكذا يكسب الناس وآداب التخاطب كما تتفق مع الوداعة. تتفق أيضاً مع المحبة والتواضع. فالمحبة لا تحتد. والتواضع لا ينتفح في حواره ولا يتفاخر. بل تكون كل كلماته مريحة للسامع
"2" إذا جلست لتتحدث مع مجموعة من الناس. فلا تأخذ الجلسة كلها لحسابك الخاص .
لا تحاول أن تكون المتكلم الوحيد. أو المسيطر علي دفة النقاش. اعط فرصة لغيرك. لكي يتحدث هو أيضاً. ويعبر عن رأيه. ولا تُشعر أحداً أنه غريب في مجلسك. بل أطلب من غيرك أن يتكلم هو. وقل له في مودة "يسرنا أن نسمع رأيك".
لا تظن أن باقي الحاضرين لا يفهمون مثلك. ولا تضع نفسك في موقف المدير. الذي يقبل ما يعجبه من آراء. ويرفض ما لا يعجبه. أو أن يكون حكماً علي ما يقوله الغير.
"3" حبذا لو كنت في الحوار آخر المتكلمين. وليكن لتأخرك في الحديث هدفان. هما الأدب والحكمة .
أما الحكمة فهي لكي تكون لك فرصة في أن تدرس موضوع الحديث جيداً قبل أن تتكلم مع الحاضرين فيه. وأن تستعرض في ذهنك كل وجهات النظر وبراهينها وأسانيدها. حتي إذا ما تحدثت. يكون ذلك عن دراية ومعرفة. وتكون قد أعطيت غيرك فرصة للتعبير. وأعطيت نفسك فرصة للتفكير.
"4" أما الأدب. فهو أن تفضل غيرك علي نفسك .
تقدمه في الحديث عليك. احتراماً لرأيه. أو لسنه. أو لخبرته. أو لرغبته في إبداء رأيه.
وفي هذا الأدب. لا تحاول أن تجيب بنفسك علي كل سؤال. وبخاصة الموجه إلي غيرك. انتظر إلي أن يتكلم الآخرون. وإن كان هناك ما يحتاج إلي إضافة. أذكره في اتضاع مع احترامك لكل ما قيل من قبل.
وضع في اعتبارك توقير من هم أكبر منك سناً. أو أعلي منك مقاماً. وتذكر قول أحد الآباء الروحيين : غدا بمشيئة الرب لنا بقية .