"4" أما الأدب. فهو أن تفضل غيرك علي نفسك .
تقدمه في الحديث عليك. احتراماً لرأيه. أو لسنه. أو لخبرته. أو لرغبته في إبداء رأيه.
وفي هذا الأدب. لا تحاول أن تجيب بنفسك علي كل سؤال. وبخاصة الموجه إلي غيرك. انتظر إلي أن يتكلم الآخرون. وإن كان هناك ما يحتاج إلي إضافة. أذكره في اتضاع مع احترامك لكل ما قيل من قبل.
وضع في اعتبارك توقير من هم أكبر منك سناً. أو أعلي منك مقاماً. وتذكر قول أحد الآباء الروحيين :
إذا جلست مع الشيوخ. أو مع الأساتذة المعلمين. فكن صامتاً..
وإن سألوك عن رأيك. فقل أحب أن أسمع وأتعلم..
"5" لهذا كن متواضعاً ودمثاً في حديثك وفي صمتك..
لا مانع إذا دُعيت إلي الكلام في بعض الأوقات أن ترد في اتضاع قائلا: البركة فيكم. كيف أتكلم وفلان موجود؟! فإنه يفهم في هذا الموضوع أكثر مني. ليته يزيدنا علماً.. أنا في الحقيقة لم أدرس هذا الموضوع جيداًَ. أخاف أن أتكلم فأضيع وقتكم!.
وليكن هذا الاتضاع في قلبك. قبل أن تلفظه بلسانك. وإن تكلمت هكذا. فلتكن كلماتك بمشاعر صادقة. وليست بطريقة مصطنعة. إنما بتعبير حقيقي عما في قلبك
"6" وطبعاً يقتضي الاتضاع والأدب. أنك لا تقاطع غيرك أثناء حديثه..
لا تسكته لكي تتكلم أنت. فإن هذا يدل علي عدم احترامك لمحدثك. أو عدم احترامك لكلامه.. أو أن مقاطعتك له. تدل علي ثقتك بنفسك. وتفضيل ذاتك عليه.
ويحدث أحياناً إذا ما قاطعت غيرك في الحديث أنه لا يقبل ذلك منك. ويقاطعك هو الآخر. ولا يكون مستعداً لسماعك. وتتبادلان المقاطعة أنت وهو بدون فائدة. وتختلط كلماتكما بطريقة مشوشة. وأسلوب معثر للآخرين. ويبدو للسامعين أنكما لستما في حوار أو نقاش. إنما في صراع أو عراك..!
"7" من أدب الحديث أيضا. أنه لا يعلو صوتك علي صوت محدثك.
سواء كان ذلك في حديث خاص. أو في حوار أو مناقشة.
وعموماً. الصوت الهاديء له وقاره واتزانه. أما الصوت العالي في المناقشات فهو أمر غير لائق.
إن الحوار الهاديء يأتي بنتيجة. أما الأصوات العالية فتحوله إلي شبه شجار. لذلك ينبغي البعد عن صخب الصوت في المناقشات. فليست الكرامة والانتصار في علو الصوت أو حدته.. بل إن قوة الكلام هي في منطقه وحجته وإقناعه.
ولا يتفق مطلقاً مع أدب الحديث. أن يعلو صوتك علي محدثك. ويغطي علي كلامه. أو أن يكون في نبرة صوتك ما يشعره بعدم احترامك له. إنك بهذا لا تكسب محدثك ولا سامعيك. مهما ظننت انك تكسب الحوار. غدا لنا بقية بمشيئة الرب