الآيات (5، 6): "ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي. مسحت بالدهن رأسي. كأسي ريا. إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام."
هنا نجد المسيح الصديق المضيف، الذي أعد وليمة بذبيحة نفسه ليشبعني ويهبني فرحاً. لقد وجد راعينا أن عدونا قائم ضدنا فأعد هو بنفسه المائدة لنجلس ونأكل دون أن نخاف العدو الذي يطرق أبوابنا. العدو يستغل ضعفنا ويغرينا بالخطايا الممهلكة والمسيح أعطانا جسده غفرانا لخطايانا فنحيا أبديا. وكما أعد الله المن لشعبه طعاماً في رحلة غربتهم أعد لنا مائدة التناول في رحلة غربتنا. فالأعداء حاولوا إعاقة رحلتنا إلى السماء مسكننا الإلهي، فأعطانا راعينا جسده نثبت فيه حتى نصل إلى مسكننا. ونلاحظ أن الله أعطى المن لشعبه بعد الخروج، والمسيح أعطانا جسده بعد أن حررنا بصليبه من عبودية إبليس. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي = إشارة لسر الميرون وبه نصير مسكنا للروح؟ ومن ثماره الفرح الذي ملأ كأسي فإرتويت من محبة الرب (الخمر رمز للفرح). فقديماً كانوا في الحزن يلبسون المسوح ويجلسون في الرماد. وفي الفرح يَدَّهِنون بالزيت. وكان مسح الضيف بالزيت علامة تكريم وكأن المسيح يستضيفنا على مائدة ويدهنا بزيت ليفرحنا ويخزي أعدائنا بمحبته لنا. ونلاحظ أن الراعي يحمل معه زيتاً لترطيب جراحات قطيعه. وأما الكأس للرعية فهي كتلة حجرية منحوتة ومجوفة يملأها الراعي بالمياه العذبة كل اليوم ليشرب القطيع والراعي يملأها دائماً حتى تفيض، فيبرد الماء المنسكب جدرانها، فهو كراعي صالح كله حنان، لا يرضي أن يجد قطيعه هذا الكأس الذي يشرب منه القطيع وقد جعلته حرارة الشمس ساخنا، فيلتهب فم الخروف الذي يأتي ليشرب فهذا الماء المنسكب علي الحواف يبردها = كَأْسِي رَيَّا = أي مروية وفي هذا إشارة للبركات والتعزيات الدائمة. وهذه التعزيات والبركات نأخذها من داخل الكنيسة= مسْكُنُي فِي بَيْتِ الرَّبِّ مَدَى الأَيَّامِ. ونجد في مثل ناثان النبي لداود أن الحمل هنا سكن في بيت الراعي (2صم1:13-3). وقوله مدى الأيام يشير لسكنانا هنا وفي الأبدية في بيت الرب.
ونصلي هذا المزمور في الساعة الثالثة، التي نذكر فيها صدور الحكم على مخلصنا الراعي الصالح في وادي الموت، ويعطينا الروح القدس بمسحته في مثل هذه الساعة.