آية (3): "يا رب أصعدت من الهاوية نفسي أحييتني من بين الهابطين في الجب."
نزل المسيح إلى الجحيم لينقذ من كان فيه ساكنًا على الرجاء (أف6:2). والآن فالفردوس مفتوح لكل من ينتقل من أولاد الله. بل لهم حياة أبدية ومجد أبدي عِوَضًا عن الجحيم = الجب.
الآيات (4، 5): "رنموا للرب يا أتقياءه واحمدوا ذكر قدسه. لأن للحظة غضبه حيوة في رضاه. عند المساء يبيت البكاء وفي الصباح ترنم."
هنا يسأل المرتل كل من آمن بخلاص الله أن يسبح الله معه، ودعاهم داود قديسين أو أتقياء، فالله قدسهم، ومن تقدس يسبح الله فلا انفصال بين حياة القداسة وحياة التسبيح، فالروح القدس الذي حل علينا هو يقدس (أي يكرس قلوبنا لله) ومن ثماره أيضا الفرح(غل 5: 22)، ونتيجة الفرح الطبيعية هي أن نسبح (وهذا ما حدث مع زكريا واليصابات لو 1). ونرى هنا مراحم الله، فغضبه لا يمتد طويلًا= لأن للحظة غضبه= فالله يغضب ليؤدب لا لينتقم. أما السبعينية فترجمتها لأن سخطًا في غضبه وهما متكاملان. فالله في غضبه سخط على الإنسان فمات، ولكن في رحمته لم يتركه طويلًا في الموت بل دبر فداءه سريعًا. وهذا هو ما قاله الله (اش 54: 7) وحياة في رضاه= أعطانا قيامة مع المسيح. فبموت المسيح عنا جلب علينا رضا الله ووهبنا حياة أبدية برضاه وليس باستحقاقنا.
وهذا المزمور هو تسبحة البشرية التي كان محكوما عليها بالموت، وأحياها المسيح بفدائه، وتسبحة كل خاطئ تائب حتى الآن فبخطيتنا نستحق الهلاك في الجب وبتوبتنا يرضى الله علينا فننجو من الجب، ونسبح الله على قبوله لنا. والتسبيح هو عمل الروح القدس فينا الذي يدفعنا لنسبح كما عَلَّم داود المرتل لغة التسبيح. عند المساء يبيت البكاء وفي الصباح الترنم= ففي المساء دفن المسيح وبكي أحباءه وفي باكر الأحد قام فرنموا. وفي مساء هذا العالم يكون لنا ضيق وحزن وفي فجر الحياة الأبدية يحل السرور والترنم. فالعالم مساء والأبدية صباح لأن شمس البر ضياؤها. وفي مساء المسيحي (سقوطه في الخطية) بكاء وحزن وفي صباح توبته سرور وفرح.
ولاحظ أن الحزن الذي يتكلم عنه حدث في حادثة موت عُزَّة، والترنم عاد والفرح عاد حينما بارك الله بيت عوبيد فقام داود بنقل التابوت في إحتفال عظيم.