آية 5:- فاريد أن اذكركم ولو علمتم هذا مرة أن الرب بعدما خلص الشعب من ارض مصر اهلك أيضًا الذين لم يؤمنوا.
إبتداء من هنا يقدم الرسول أدلة على هلاك الأشرار ودينونتهم . الذين لم يؤمنوا = الرسول لخص كل خطايا الشعب بقوله لم يؤمنوا فعدم الإيمان مصدر كل الخطايا، وهكذا قال السيد المسيح (يو9،8:16) وهلاك الشعب بعد عبورهم البحر الأحمر بسبب خطاياهم أشار له بولس الرسول أيضا (1كو1:10-11) + (عب7:3-11). فمن يرتد عن الإيمان يهلك. ونجاة الشعب مرة لم تعفهم من الهلاك. وبنفس المنطق، فمن خلصه دم المسيح فهو معرض للهلاك بل بصورة أشد "لانه ان كانت الكلمة التي تكلم بها ملائكة قد صارت ثابتة وكل تعد ومعصية نال مجازاة عادلة . فكيف ننجو نحن ان اهملنا خلاصا هذا مقداره" (عب2: 2، 3) + "من خالف ناموس موسى فعلى شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رافة . فكم عقابا اشر تظنون انه يحسب مستحقا من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قدس به دنسا وازدرى بروح النعمة" (عب10: 28، 29).
آية 6:- والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام.
في الآية السابقة ضرب مثالا لهلاك الفجار بهلاك شعب الله في البرية، بالرغم من أن الله خلصهم من عبودية فرعون. وهنا يضرب مثالا ثانيا بهلاك بعض الملائكة الذين كانوا في مجد ولم يقتنعوا بما أعطاه الله لهم من مجد بل طلبوا في كبرياء ما هو أكثر فسقطوا (إش13:14) . فالله لن يعاقب البشر المرتدين فقط بل والملائكة الذين يرتدوا، فالله لا يحتمل الخطية من أي مخلوق.
مسكنهم = ما كانوا فيه من مجد، بل كان إبليس من أعظم الطغمات السمائية.
حفظهم إلى دينونة = يحفظ الأشرار إلى دينونة، أي لن يستطيعوا الهروب منها، أما للأبرار فالله يحفظ أولاده في إسمه (يو11:17). فلا يضيع منهم نصيبهم السمائى.
آية 7:- كما أن سدوم وعمورة والمدن التي حولهما إذ زنت على طريق مثلهما ومضت وراء جسد آخر جعلت عبرة مكابدة عقاب نار أبدية.
المثال التالي الذي يضربه الرسول لهلاك الأشرار هو سدوم وعمورة. هؤلاء عاشوا في شذوذ جنسي وإنغمسوا في شهوة غير طبيعية، فهم طلبوا مضاجعة الملاكين. إذ زنت مضت وراء جسد آخر = مترجمة في الإنجليزية strange flesh والمقصود علاقة شاذة. والزنا عموما يفسد الروح ويفسد العلاقة مع الله، وله عقوبات كثيرة. فالزانى يكون كمن يحتضن ناراً (أم6: 27). فبالأولى الشذوذ.
وَالْمُدُنَ الَّتِي حَوْلَهُمَا إذ زنت على طريق مثلهما = المدن التي حول سدوم وعمورة إذ عملوا مثلهما إحترقوا معهم. يقصد الرسول أن كل من يسلك مثلهما في كل زمان سيهلك مثلهما. إذاً فهؤلاء الذين أعطوا لأنفسهم تصريحا بالخطايا طالما الدم يغفر، هم يسلكون كما سلك أهل سدوم وعمورة. فسيكون لهم نفس عقوبة سدوم وعمورة. نار أبدية = هم هلكوا بنار وكبريت، ولكن هم ذهبوا بعد موتهم لنار أبدية. جُعِلوا عبرة = هنا الرسول يحذرهم أنهم سيكون لهم نفس المصير، فالله لا يقبل الخطية.