هناك أيضا المبالغة في الحياة الاجتماعية. وفي المناهج السياسية:
فمثلا الحرية ما بين المبالغة في التسيب. والمبالغة في القمع:
الطفل في أمريكا إذا بلغ السادسة عشرة من عمره يصبح لا سلطان لوالديه عليه. وإذا أدبه أبوه. ما أسهل أن يطلب البوليس ليحقق مع أبيه. يضاف إلي ذلك لا تدريس للدين في المدارس الحكومية. لتكون الحرية للطالب في اختيار الدين الذي يريد أو اللا دين!
ونتيجة لهذه المبالغة في الحرية. أن انتشرت الأفكار المنحرفة خلقيا ودينيا. وكما انتشر الشذوذ الجنسي باسم الحرية ! ووجدت جماعات الهيبز والبيتلز. كذلك انتشرت الانحرافات الدينية والفكرية في عشرات المذاهب والنحل. واصبح المجتمع مرتعاً خصبا لجماعات شهود يهوه. والسبتيين الأدفنتست. والمورمون. والعلم المعارض للدين. ومدارس النقد الكتابي وغيرها...!
***
ومن الناحية المضادة. وجدنا المبالغة في القمع. في البلاد الشيوعية. من جهة الإلحاد. وانعدام الملكية في المنازل والأراضي.. كانت المبالغة في الرفاهية قد انتشرت قبل ذلك في عهد القيصرية في روسيا. حتي اصبحت سرج الخيول من الذهب. وبراويز الأيقونات وأغلفة الكتب المقدسة من الذهب أيضاً. ومازالت بقايا هذا الثراء موجودة إلي الآن في متحف الكرملين. وقباب الكنائس من الذهب أيضا. يضاف إلي هذا استخدام الأحجار الكريمة بمبالغة.. فإذا بالشيوعية تعالج العكس بالعكس. تعالج المبالغة في رفاهية رجال الدين والقصر. بالمبالغة في الغاء الدين والتملك. واصبح الشخص لا يملك بيتا بل يستعمله. وأصبح المتقدم لشغل وظيفة يجتاز اختباراً شخصياً. يعترف فيه بعدم وجود الله. وبأن الدين هو أفيون الشعوب. وبأن رجال الدين كلهم كذبة ومضللون! مبالغة في القمع. كانت رد فعل للمبالغة في حكم القيصرية من جهة الرفاهية والتملك والتدين!!
***
كذلك فإن المبالغة في النسك وقوانين التوبة في العصور الوسطي. كانت لها ردود فعل في مبالغة عكسية: قوانين التوبة المتشددة. كما شرحها يوحنا كليماكس في كتابه "الأرجي". مع العقوبات الكنسية من جانب الكنسية الكاثوليكية. أحدثت مبالغة في رد فعل من جانب البروتستانتية في عدم الاعتراف بالرهبنة جملة. وبالقوانين الخاصة بالصوم والخاصة بالعقوبات الكنسية.. كذلك فإن الإباحية والمبالغة في الغناء والجواري أوجدت من الناحية المضادة تشددا في الدين أكثر من ذي قبل. لذلك فإن البعض يعرف الفضيلة بأنها وضع متوسط بين تطرفين: بين تطرف في التشدد. وتطرف في التسيب..
بين الضمير الواسع الذي يقبل ويبرر أخطاء كثيرة. والضمير الضيق الموسوس الذي يظن الخطأ حيث لا يوجد خطأ. أو يبالغ في قدر الأخطاء ويوقع صاحبه في عقدة الذنب SENSE OF GUILT.
***
المبالغة قد توجد أيضا في الحزن وفي الفرح في التباهي والاتضاع.
هناك من يبالغون في الحزن ومظاهره. وأيضاً في زيارة المقابر. وفي فترات الحداد. وبخاصة ما تقوم به النساء من البكاء واللطم. والبعض يبالغون في حزنهم بطرق غير مقبولة اجتماعياً. ومن ناحية أخري هناك من يبالغون في أفراحهم. بحفلات تستمر الليالي بميكروفونات تذيع الأغاني. وقد تشتمل حفلاتهم علي الرقص والضجيج. وينفقون عليها انفاقات باهظة. ويزعجون الحي كله.. والأمر يحتاج إلي حكمة واعتدال في التصرف.
أيضا نفس المبالغة في الفخر وفي الاتضاع:
* فمن المبالغة في الافتخار. قول عنتر بن شداد:
ولو أرسلت رمحي مع جبان .. لكان بهيبتي يلقي السباعا
* أما المبالغة في الاتضاع. فمثالها من يحقر نفسه. وينسب إلي ذاته أخطاء وضعفات ليست له..
***
هناك مبالغات أخري في بعض أمور اجتماعية وتربوية:
* مثال ذلك المبالغة في القسوة في تربية الأبناء. حتي اننا قرأنا في بعض الجرائد أن أباً في تأديبه لابنه علي غلطة معينة. ظل يضربه حتي مات!! يقابل ذلك المبالغة في تدليل الأبناء. مما يفقدهم الأدب واحترام الكبار. ويوقعهم في أخطاء أخري..
* ومن المبالغات أيضاً مبالغة بعض النساء في الزينة. حتي يصلن إلي التبرج. كذلك مبالغة بعضهن في عدم الزينة. مما يجعلهن موضع انتقاد الأقارب والأصدقاء والغرباء.
* ومن المبالغات الاجتماعية المبالغة في تقييد حرية المرأة. حتي تصبح وكأنها سجينة في بيت. وإن خرجت منه. تخرج في قيود أخري.