محبة الخير أسمى بكثير من مجرد عمل الخير..
فقد يعمل الانسان خيراً دون أن يُوصف بأنه شخص خيَر!! وكيف ذلك؟ يرجع هذا إلى السبب الذى من أجله قد عمل الخير:
إذ انه ربما يعمل الخير لمجرد كسب مديح الناس، دون أن يكون محباً للخير فى قلبه . وهكذا يعمل الخير رياءً وليس عن فضيلة.. أو قد يعمل الخير مضطراً أو مرغماً أو لمجرد طاعة أمر، أو قد يفعل ذلك وهو متذمر فى قلبه، فلا يوصف بأنه محب للخير. أوقد يعمل الخير كمجرد سياسة يصل بها إلى غرض ما. أو يعمل الخير انسياقا وراء تيار ما، أو عن طريق المجاملة، أو لغير ذلك من الأسباب وفى كل ذلك لا يكون محباً للخير..
****
أما الانسان محب الخير، فإنه يفعل ذلك من كل قلبه، دون أى هدف من وراء ذلك، سواء عرف الناس أولم يعرفوا، وسواء كوفئ على هذا الخير أولم يكافأ.
بل هو يفضل ان يعمل الخير فى الخفاء، حتى لا ينال أجره من الناس هنا على الأرض. يفعل الخير لأن طبيعته هى هكذا، لا تستطيع ان تفعل سوى الخير. ويسَر بكل مناسبة تعرض له لفعل الخير. ويعتبر أن كل يوم يمَر عليه دون أن يعمل خيراً فيه، هو يوم لا يُحسب له فى حياته أمام الله.
****
ومحب الخير يفعل الخير مع كل أحد، بشراً كان أوأى مخلوق آخر..فهو لا يعمل الخير مع الناس فقط، انما مع الحيوان ايضا. ومن هنا وجدت جمعيات الرفق بالحيوان. والذى تكون له قسوة على الحيوان، لا يكون خيراً.. بل محب الخير، يهتم ايضا بالطبيعة وبالبيئة التى يعيش فيها. ويشفق على النبات فيغذيه وينميه ويرويه.. وقد ذكرنى هذا بقول أحد الأدباء الروحيين. سقيت شجيرة كوب ماء. فلم تقدم لى عبارة شكر واحدة. ولكنها انتعشت، فانتعشت . وهكذا سعد قلبه بانتعاش الشجيرة.
لقد أقام الله الانسان وكيلا على الطبيعة يرعاها ويهتم بها. وهو لا يستطيع ان يقوم بهذا الواجب بأكمل وجه، ان لم يكن يحب الطبيعة ويحب الخير لها، ويفعل فى سبيل ذلك ما يستطيعه.
غدا لنا بقية بمشئة الرب
والذى يحب الخير، ويحب الغير، ويحب الخير للغير، انما يفعل الخير مع كل أحد، من أى جنس أو لون أو مذهب.