مقالات عن كيف تجعل ابنك متميزاً؟ لابونا المحبوب القمص / داود لمعى
عن كتاب كيف تجعل إبنك متميزاً ؟ واليوم موعدنا مع
كثيرون يظنون إن الحب لا يُعِّلم.. ولا يُسَلم.. وإنما هو رد فعل طبيعى على مستوى الشعور لتصرفات ومواقف الآخرين.
ولكن هذا المعنى المحدود للحب.. يجعلنا لا نفهم الحب الإلهى فى حقيقته ولا نعيش وصية الحب للآخرين فى حقيقتها.
الله أحبنا.. ليس فقط بالمشاعر والكلمات لكن بالأكثر بالعمل والبذل.. تجسد ومات وقام من
أجلنا وذهب ليُعد لنا مكاناً.. ترك لنا روحه وجسده ودمه ووعوده ووصاياه.. ويظل دائماً ضابط الكل يعمل كل شئ من أجل خلاصنا.
بهذا المعنى – الحب العملى النابع من قلب وفكر ممتلئين بالحب – هو وصية الحب وهى
محور الوصايا كلها.. " لاَ تَنْتَقِمْوَلاَ تَحْقِدْ عَلَى أَبْنَاءِ شَعْبِكَ، بَلْ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. أَنَا الرَّبُّ " (لا 18:19)، " فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ " (تث 5:6).
مأساة هذا الزمان هو الفقر الشديد فى الحب.. حتى بين الآباء وأبنائهم.. وذلك بسبب الأنانية
والمشغولية والمادية، فقد صار الآباء لا يقدمون حباً خالصاً كافياً لأولادهم.. وتكون النهاية
جيلاً يفتقر الى الحب فلا يشبع به ولا يقدمه ولا يفهمه.
ولكى تقدر أن تجعل إبنك مُحباً لله والناس يجب عليك أن تغمر إبنك بالحب.
لكى تغمر إبنك بالحب ويصير مُحباً يجب أن..
أولاً.. اجعله أولوية عندك.
إحذر أن يكون عملك أو مركزك أو مالك أو بقية عائلتك فى مكانة أهم من أولادك.
إجعل مصلحة أولادك.. روحياً ونفسياً وجسدياً.. أولوية فى حياتك.. ولا تترك الظروف ترتب أولوياتك، لأن الظروف لن تخدمك بل عادة تُعيقك عن ضبط أولوياتك.
Q لا تقع فى الخدعة المشهورة التى ينادى بها كثير من الآباء..إنهم يشتغلون بكل طاقاتهم
من أجل أولادهم.. ولكنهم فى الحقيقة عبيد الشغل والطمع.. ولم يعد لله ولأولادهم المكانة الصحيحة لهم فى حياتهم " المولع بالكسب" (أم 27:15).
ثانياً.. قدم وقتك الثمين لأولادك.
الوقت أغلى ما فى الحياة.. وتستطيع به أن تكسب أبديتك والآخرين أو تخسر نفسك وكل
أحد وكل شئ.. فإذا كنت تهتم بأن تترك لأولادك كنزاً وأنت لم تقدم لهم وقتك فقد أضعت
وقتك.. لأنهم قد يعيشوا أغنياءً بالمال وفقراءً بالحب فلا يجدوا للحياة طعماً أو معنى وقد يفقدوا حياتهم الأبدية.
خصص وقتاً لأولادك.. للحوار.. للضحك.. للأكل.. للعب.. للمشاركة فيما يحبون.. هكذا يتعلمون الحب.
تذكـّر..
إن ساعة من الحب والحوار الهادئ مع أولادك فى طفولتهم قد توفر عليك سنة من المشاكل
فى مستقبلهم.
ثالثاً.. إحرص على حب شريك حياتك.
هناك علاقة وثيقة بين حب الوالدين بعضهما لبعض وتلمذة أولادهم على الحب السليم..
فالطفل يحب أباه وأمه بالطبيعة ولهذا يحب كل من يحبوهم.فإذا وجد أنهما لا يحبان بعضهما
البعض فإنه يصاب بقلق شديد وخوف وحيرة ويظن أنه هو السبب فى هذا الصراع
وينحصر داخل نفسه ويفقد قدرته على الحب والعطاء.
R إن نظرات إعجابك لشريك حياتك أمام أطفالك تعطيهم الأمان والحب.
R إن كلمات التشجيع المستمرة لشريك حياتك.. تُعلم أولادك كيف يكون كلام الحب.
R إن المشاركة الجادة بين الوالدين فى المسئوليات والأعباء هى أجمل مناخ يشرب فيه الأولاد الحب.. فيسهل عليهم أن يحبوا الله ويحبوا الناس كما يجب.
رابعاً.. إلتزم فى حياتك الروحية.
الطفل لا يدرك جيداً تفاصيل العقيدة واللاهوت لكن الطفل إذ يرى والديه يُصليا.. يتأكد إن،
هناك شخص غير مرئى – ربنا يسوع المسيح – يسمع الصلاة ويستطيع الطفل أن يثق فيه
بسبب ثقة والديه.. ويحبه بسبب حبهما له.. ويلتزم بالصلاة طول العمر بسبب صلواتهما.
فالإنتظام فى الحياة الروحية – قراءة الإنجيل – صلاة الأجبية – القداس – الخدمة – الإعتراف
– الإجتماعات – العشور.. ينقل للأطفال والشباب روح الإلتزام تجاه الله.. وهو تعبير حب
– صادق تجاه الله بدون تزمُّت أو تطرف. كما ينقل لأولادنا.. مفهوم هام جداً.. إن الحب
– هو مجموعة إلتزامات وليست فقط مشاعر.. هو حب بالإرادة والقرار والتعب وليس
– بالمزاج.. وكل هذا يبدأ من إلتزاماتنا الروحية فى العبادة والخدمة.. وإلتزاماتنا الأسرية
أيضاً.
خامساً.. الحوار حول قضايا الحب.
حين يتشاجر أولادك.. لابد أن تستفيد من هذا الموقف فتتحاور معهم لتنقل لهم مفاهيم هامة مثل
خطورة الأنانية ومضاعفاتها.. أهمية المشاركة وإحترام حقوق الآخر.. طريقة البذل والتضحية
فى الحب.. إرتباط حبنا ببعض بحب الله..
وحين يحكى إبنك عن أصدقائه.. تحين الفرصة لتشجعه على العطاء والإهتمام بأصدقائه ولكن
بالحكمة التى تسلمناها من الروح القدس.. " الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ
تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَتَظُنُّ السُّؤَ،
وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ " (1 كو 13 : 4-6).
وقد تحكى أنت – الأب أو الأم – عن أشخاص من حولك.. كيف يجب أن تخدمهم أو تسأل
عنهم.. أو تعترف بتقصيرك فى الإهتمام ببقية العائلة أو الأصدقاء.. أو تحكى عن أشخاص
مُعِبين كيف يجب أن تسالمهم حسب طاقتك وتغلب الشر بالخير.
وليس فقط تتحاور فى قضايا الحب.. لكن لابد أن يكون الحوار فى جو كله حب وليس فيه
إنفعال أو غضب أو مقاطعة أو إهانة.. بل فيه إحترام للرأى وجو من المرح وكلمة ربنا
ووصيتة. وبذلك تتحول الحياة كلها الى حالة حوار دائم بين الطفل وكل مَن يحبه الله والأسرة
والأصدقاء والطبيعة والنفس.
سادساً.. المشاركة فى عمل الخير.
" اَلرَّجُلُ الرَّحِيمُ يُحْسِنُ إِلَى نَفْسِهِ، وَالْقَاسِي يُكَدِّرُ لَحْمَهُ " (أم 17:11). إهتم بأن يشترك أولادك
فى كل مراحل حياتهم بتقديم خدمة لمن حولهم.. كأن تسأل طفلك أن يُعطى إحدى لعبه لأحد
الأطفال الفقراء.. أو يُعطى جزء من مصروفة أو هداياه لمَن هم أكثر احتياجاً وأقل إمكانيات..
أو يشترك طفلك أو إبنك فى ترتيب بعض الماكولات أو الألعاب لأطفال مدارس الأحد أو
القرى.. وإفتح لإبنك طاقات البركة السماوية.. إذ تعلمه كيف يكون سخياً فى العطاء
" َإِنَّ مَنْ يَزْرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ، وَمَنْيَزْرَعُ بِالْبَرَكَاتِ فَبِالْبَرَكَاتِ أَيْضًا يَحْصُدُ " (2كو 6:9).
سابعاً.. علّم إبنك أن يتكلم لغة الحب.
كلمات الحب لا تُحصر ولا تُعد.. كلمات الشكر والتشجيع.. كلمات الدعاء والبركة.. كلمات
التقدير والعرفان.. كلام المجاملة والإحترام.. كلام الإعتذار.. كلمات الإستئذان والأدب.
تكلم أنت أولاً هذه الكلمات ولا تنس أن تحافظ على إبتسامتك دائماً فى وجه طفلك وأيضاً أمام
وجوه الآخرين.. فهى أقوى وأسهل لغة للحب يُتقنها من صغره.
البيت الذى تتردد فيه كلمات مثل هذه..
" وحشتنى.. رائع.. هايل.. عظيم.. أنا فخور بك.. أنا بأحبك.. ربنا يخليك لىَّ.. أنت أشطر ولد..
شكراً جزيلاً.. ربنا يفرح قلبك.. من فضلك.. كتَّر خيرك... "
هو بيت صحى دافئ.. يخرج منه شباب قادرون على عطاء الحب.
تــذكّــر..
لكى تجعل إبنك مُحباً..
1- إجعله أولوية عندك.
2- قدِّم وقتك الثمين.
3- إحرص على حب شريكك.
4- إلتزم فى حياتك الروحية.
5- تحاور معه فى حب.
6- إشركة فى عمل الخير.
7- علِّمه لغة الحب.