يُقرأ مثل الزارع كثيرًا في هذه الأيام حيث اختارته الكنيسة بحكمة بسبب أن هذا الموسم هو موسم الزرع.
تقابل السيد المسيح مع نوعيات كثيرة من المستمعين، منهم من قبله ومنهم من رفضه، ومنهم من تبعه أولاً ثم تراجع عنه، وفي المقابل هناك من رفضه في البداية ولكنه عاد فآمن به وتبعه، ومنهم من أعجبه الكلام سطحيًا ولكنه لم يؤمن به، وهكذا..
1- الزارع واحد، والبذور واحدة، والموسم واحد، غير أن الأرض لم تكن واحدة وبالتالي الاستجابة. مثل الذي يكتب فقد يستخدم قلمًا واحدًا ويكتب نصًا واحدًا بضغط متساو بينما تختلف أسطح الورق ما بين أملس وخشن، وأبيض وأسود.
2- "الطريق" كان في البداية أرضًا عادية وربما جيدة ولكنه تقسّى مع الوقت، وبالتالي لا يوجد شخص شرير بطبعه، ولم يولد انسان وهو مجرم، بل إن الشر دخيل عليه من البيئة والمجتمع. وهكذا يجب التعامل مع الناس على هذا الأساس، ويمكن بالتالي إعادة حرث الأرض التي تصلبت لتعود إلى طبيعتها. هناك اناس وصلوا الى الشيخوخة الروحية مبكرا.
3- البعض يفرحون وقتيًا بالكلام، ولكن مجرد السماع لا يخلص، وكذلك كثرة المعرفة، أو مجرد التردد على الكنيسة، وعند المحكّات أو الاختبار الحقيقي يفشلون. هذا الكلام موجه أيضًا إلى الوعاظ الذين يميلون إلى إلهاب حماس سامعيهم فقط، أو يميلون إلى إضحاكهم وإسعادهم دون الاهتمام ببنيانهم الداخلي (اعمل ما يبنيهم لا ما يرضيهم).
4- الأرض الجيدة تحتاج إلى جهد قليل لكي تثمر، وقد لا تحتاج إلى جهد أصلاً، ومجرد أن تسقط البذرة عليها تتفاعل معها، بل وتبحث عن المياه أينما وُجدت، وقد صادفنا في الصحارى الكثير من الأشجار والنخيل المثمر دون غارس ولا ساقٍ.
5- هذا عتاب للذين يتحجّجون بأن ليس هناك من يفتقدهم، أو ليست هناك خدمة قوية وخدام متميزون أو كنيسة نشطة، هناك كثيرون يحيون في تقوى وبر في أماكن ليس بها كنائس ولا خدمة. هنا نتذكر القرى التي ليست بها كنائس، وكيف يحرص شعبها على الذهاب الى أقرب قرية بها كنيسة متكبدين في ذلك مشقة ليست بقليلة.
6- الأرض الجيدة لم تأتِ بنفس المقدار من الثمار في جميع مساحاتها، ولا يجوز مقارنة مساحة بأخرى، فكل مساحة أعطت ثمارًا بحسب كثافة البذور الملقاة فيها من ناحية، ومن ناحية أخرى بحسب إمكانياتها؛ غير أنها مُخلِصة أعطت ما في وسعها، ومن هنا فإن المقارنة لن تكون بين قطعة وأخرى من الأرض، وإنما بين ماتستطيعه من جهة وما تقدمه فعليا من جهة أخرى؛ وهكذا فإن الله لن يدين الناس بطريقة واحدة – مع أنه سيستخدم العدل مع الجميع. هناك قطعة أتت بـ30 من 30، والأخرى 60 من 60 وهكذا. يشبّهون ذلك بـ "فنجان" و "كوب" و "برميل" ولا مقارنة بين هذه الثلاثة من حيث الحجم، وإنما من حيث كمية السائل داخل الإناء مقارنة بسعته.
7- وكما ان هناك باذر (زارع) بغير أرض تتفاعل وتثمر، هناك أيضا بذور بغير باذر تفاعلت مع تربة بغير فاعل وأثمرت في هدوء ثمرًا كثيرًا. قال أحدهم: "لكل كلمة أذن تسمعها، فإن لم تكن كلماتي لأذنك فلا تتهمني بالغموض"
8- هناك بذور سقطت على أرض جيدة ولكن في موسم مختلف، وبدا أنها لم تثبت ولم تثمر بالتالي، ولكن في الوقت المحدد أتت بثمر كثير، هذا يُقال للخدام الذين يتعجّلون الثمر، فهناك من يسمع ولا يتفاعل للتو ولكن تعمل فيه النعمة "في وقت مقبول".
"إِذًا لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَالسَّاقِي، بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي" (1 كو 3: 7 )