( د ) عدم الادانة
+ وقال أنبا باخوميوس :
لا تحتقر احدا من الناس ولا تدنه ولو رأيته ساقطا في الخطيئة ، لأن الدينونة تأتي من تعاظم القلب ، أما المتضع فأنه يعتبر كل الناس أفضل منه . فبأي حق تدين عبدا ليس لك ، فأن سقط لربه ، فربه قادر أن يقيمه .
+ سئل القديس برصنوفيوس :" من أين تعرض حركة الجسد " .
أجاب : " حركة الجسد تكون من التهاون لأن التهاون يخطفك وأنت لا تدري ، لأنك تدين أخاك وتحكم عليه ، فمن هنا تسلم " .
+ قال شيخ :
" كما أن الميت لا يتكلم المبتة ، كذلك المتضع لا يزدري أحداً ، حتي ولو رآه للأصنام ساجداً " .
+ قال مار باسيليوس :
" ماذا ينفعني اذا أتممت الفضيلة كلها ، ثم أقول لأخي " يا أحمق " فأكون قد استوجبت جهنم ، هوذا السليح يعقوب يقول : أن تمم الانسان الناموس كلمه وأخطأ في أمر واحد ، فهو في الكل مدان ، لن تستطيع ادراك شيء من مرضاه الله بغير أتضاع ، فلا تفرغ أفكارك في استقصاء عيوب الناس وخطاياهم ، ولكن تفرغ لتفتيش عيوبك وخطاياك " .
( ز ) احتمال التوبيخ
+ وقال أنبا باخوميوس :
" اذا توبخ أحدنا من أحد اخوانه ولم يقبل بل حقد عليه فقد اغتالت الشياطين نفسه " . ولست أقول ذلك فقط بل وان لم تعتبره كطبيب معالج فقد ظلمت نفسك ، لأنه ماذا تقول فيما أصابك . ألست تعلم أنه قد نظف أوساخك ؟ فسبيلك أن تعترف له كطبيب أرسله المسيح اليك ، فأن كنت تحب المرض فلا تحتج علي البريء أما هذا الوجع الذي ظهر لك فذلك دليل علي ضعف نفسك ولولا ذلك ما كنت تحزن من الدواء .
لذلك ينبغي أن تعترف بالفضل للأخ لأنك به عرفت مرضك القاتل . فعليك أن تقبله مثل دواء شاف مرسل من عند يسوع المسيح ، ولو أنك لم تقتصر علي عدم شكره فقط بل خلقت حوله شكوكا . وقد كان الأحري بك أن تقول ليسوع المسيح :
" لست أريد أن تشفيني ولا أشاء أن أقبل شيئاً من أدويتك " .
الأحزان هي مكاري يسوع ، فمن أراد أن يبرأ من استقامه يلزمه حتما أن يصبر علي ما يرد عليه من الطيب . ولعمري ان المريض ليس من شانه أن يستلذ الكي والبتر أو شرب الدواء النقي . بل من طباعه ان يبغض الأدوية ولكنه لا يقانه انه بلا علاج لن يحصل علي الشفاء فأنه يدفع ذاته للطبيب عالما أنه بالأدوية المرة يتخلص من الأخلاط الضارة الردئية . فمكوي يسوع هو ذاك الذي يهينك لأنه أن كان يشتمك الا انه يريحك ويخلصك من السبح الباطل . ودواء يسوع المنقي هومن يرذلك ويوبخك لأنه يريحك من الاستنعام فأن لم تحتمل شرب الأدوية تظلم نفسك وحدك أما الأخ فلم يسبب لك ضررا ما .
+ وقال شيخ :
" سبيلنا أن نعلم انه لا يوجد أصدق ممن يذمنا ويبكت اعمالنا . وينبغي لنا أن نراعي مذلتنا ، لأن الذين يراعون مذلتهم ويتحققونها يطحنون ابليس المحتال " .
اخبروا عن راهبين قديسين . كانا أخوين وسكنا البرية ، فحرص الشسطان علي أن يفرق بينهما ، ففي بعض الأيام او قد الصغير منهما سراجا ووضعه علي منارة ،وبحيلة من الشيطان وقع السراج وانطفأ ، فحينئذ حرد الكبير وضربه ، فصنع الصغير له مطانية وقال له : : لا تضجر يا أخي أطل روحك علي وأنا أوقدها مرة أخري " ، فلما أبصر الرب صبر الأخ ، عذب ذلك الشيطان إلي الصباح .
ثم ذهب ذلك الشيطان فأخبر رئيس الجن بما كان ، وكان كاهن الأوثان ، الذي يخدمهم موجودا ، فلما سمع هذا الكلام ، ترك كل شيء وآمن وترهب ، ومن بدء رهبانيته ، كان يستعمل الاتضاع الكامل .
وكان يقول : " أن الاتضاع يقدر أن يقهر ويحل ويبطل كل قوة العدو ،وقد سمعتهم يقولون لبعض : " أنه كلما ألقينا السجس بين الرهبان ، نجدهم يتلقونه بالأتضاع ، ويعمل بعضهم لبعض مطانيات ، فكانوا بذلك يبطلون قوتنا " .
كان شيخ قديس ، اذا قام بخدمة القداس ، يري ملاكين واقفين ، واحدا عن يمينه ، والآخر عن يساره ، هذا كان قد أخذ نسخة القداس ، من واحد من ذوي البدع في الايمان ، واذ كان ساذجا ، لا يعرف تحرير الآراء الالهية في تقديسه بسذاجة ، فقد كان يقول كما في النسخة ، ولا يعلم انه يغلط ، وبتدبير من الله ، زاره شماس ، راهب ، عالم ، فلما خدم الشيخ القداس بحضرته قال له : " هذا ليس قول أصحاب الأمانة الصحيحة : ، واذ كان الشيخ يبصر الملاكين في قداسه ، فأنه لم يلتفت الي قول الشماس .
اما الشماس ، فأنه لبث يقول له : " غلطت يا أبي ، والكنيسة الأرثوذكسية ، لا تقبل هذا القول : ولما رآه الشيخ لا يكف عن توبيخه ، التفت الي الملاكين ، وقال لهما : " ما معني قول الشماس ؟ " فقالا له : اقبل منه ، فقد قال لك الصواب " ، فقال لهما الشيخ : " وأنتما ، ما بالكما لم تقولا لي ؟ ! " فقال : " ان الله رسم هذا التدبير ، أن يصلح الانسان ، انسانا مثله " ، فانصلح رأي الشيخ من لك اليوم ، وشكر الله تعالي ، والشماس .