+ قال أنبا يوحنا القصير :
كلما استمر السكون ضعفت الأوجاع . وكلما ضعفت الأوجاع قوي العقل قليلا قليلا ، الي أن يصح ويستريح وحينئذ لا يذكر الانسان أوجاعه وأحزانه السالفة وذلك كما قال ربنا عن المرأة التي تلد . واذا أنعتق الانسان من الأوجاع الشريرة التي كان يعانيها دائما فقد انعتق من الأحزان والآلام والأمراض العارضة كلها تلك التي يؤنب بها الخطاة . وبدوام
السكوت يعتق من الأوجاع الذميمة ، اما الذين يعوقونا من معرفة الله ويبعدوننا عن عمل الضيلة فأنهم لا يلامون لأنهم لا يعرفون ، أما نحن فإذ قد عرفنا ربحنا وخسارتنا ينبغي لنا أن نبتعد عنهم ونسكت لكي تحيا نفوسنا .
عدم الانتقال من مكان الي مكان آخر :
+ قال شيخ :
" اذا كان راهب مقيما في موضع ، وأراد أن يصنع في ذلك الموضع خيرا ، ولم يستطيع ، فلا يظن أنه اذا ذهب الي موضع آخر ، يستطيع أن يصنع ذلك الخير "
+ كذلك قال شيخ :
" اذا كان وجع يقاتلك في موضع ما ، وتترك ذلك الموضع طنا منك أنه يخف عنك دون أن تقاتله ، فاعلم أنك اذا لم تغلبه حيث قاتلك ، فأنه سوف يسبقك الي كل موضع تمضي اليه ، لأني أعرف أخا كان ساكنا ديرا وكان مداوما علي السكوت ، الا انه كان كل يوم ييترك من وجع الغضب فقال في نفسه : " أمضي وأسكن وحدي في قلاية ، وحيث أنه لن
يكون هناك أحد ساكنا ، فسوف أهدأ ويخف عني الوجع " . فخرج وسكن وحده في مغارة ، وفي أحد الأيام ملأ القلة ماء ، ووضعها علي الأرض ولو قتها تدحرجت ، وانسكبت ، وأنسكب ما فيها ، فأخذها وملأها مرة ثانية ، ووضعها فانسكبت كذلك ، فملأها دفعة ثالثة ، فانقلبت أيضاً ، فغضب وأمسكها وضرب بها علي الأرض فكسرها ، فلما خفض قلبه علم
أن الشياطين قد سخروا منه ، فقال : هوذا قد انغلبت وأنا فيالوحدة كذلك . فلأذهب الي الدير لأنه في كل موضع يحتاج الأنسان الي جهاد وصبر ومعونة من الله " ، ثم قام ورجع الي موضعه .
+ وقال آخر :
" كما أن الغرس اذا قلع من موضع وغرس في غيره فلا يثمر ما لم يثبت في موضع واحد . كذلك الراهب الذي ينتقل من دير الي دير ، لا يثمر ما دام منتقلا "
سئل شيخ :
" كيف أسكن في دير بغير قلق ؟ " فقال : " ذلك بأن تعد نفسك غريبا ،ولا تطلب لك فيه كلمة مسموعة ، كما تقطع هواك ولا تحسب نفسك شيئا ً " .
+ وقال المغبوطة سفرنيكي :
" اذا كنت في دير فلا تستبدله بآخر ولا الآخر بغيره لئلا تستكمل زمانك بدون ثمرة ، مثل الطائر الذي يقوم عن البيض فيفسده ويصير عديم التوليد كذلك الراهب الكثير التنقل ، تبرد حرارة الرهبنة وتموت من قلبه " .
+ وقال أخ لأنبا أغاثون :
" يا أبي أمرت أن أقيم في مكان ما ، وأنني أجد قتالا هناك ، وأريد أن أرحل ، أنني مستعد أن أنفذ الوصية ولكنني أخشيء القتال " قال له الشيخ : " اذا كان هذا الأمر مع اغاثون فأنه يحفظ الوصية ويغلب القتال " .
+ سؤال :
هل ينبغي لي أن أصنع لنفسي حدا أن أخرج الي موضع آخر ؟
+ الجواب :
لا تربط نفسك تحت أمر ما ، حتي أن اضطررت للخروج خرجت بدون حزن أو أرتباك أفكار ، بل في كل شيء أقتن لك صبراً .