رابعاً: الموضوعات الخاصة لأيام الصوم :
إن المتأمل فى القراءات الموضحة لكل يوم من أيام الصوم المقدس يرى أنها تتألف من ثلاث مجموعات هى النبوات والأناجيل والرسائل. وهذه المجموعات بينها إرتباط وثيق، وكلها تدور حول موضوع واحد هو الموضوع العام لليوم.
خامساً: موضوعاً قسمى الصوم :
لقد قسمت الكنيسة الصوم إلى قسمين :
القسم الأول : يتألف من أسبوع الاستعداد والأسابيع الثلاثة التالية له، وموضوعات هذا القسم كلها تدور حول ما هو مطلوب من هذا الشعب من مظاهر الجهاد الروحى، مثل ترك الشر وممارسة الصلاة والصدقة والتوبة وإطاعة الإنجيل وما إلى ذلك.
والقسم الثانى : وهى تشمل الأسابيع الثلاثة الأخيرة والقراءات فى هذا القسم كلها تدور حول ثمرة الجهاد أى مدى استجابتهم له كإيمانهم بالإنجيل والتمتع بثمار المعمودية والفوز بالخلاص.
سادساً: موضوعات السبوت والآحاد :
إن الكنيسة ميزت موضوعات السبوت والآحاد عن أيام الصوم الإنقطاعى الخمسة بميزتين فمن يدقق النظر فى نظامهما يرى:
أن موضوعات الأيام الخمسة تنصب على ما يبذله الشعب من جهاد، فى حين أن موضوعات السبوت والآحاد تنصب على نعم المخلص المتعددة التى يمنحها لهم جزاء لهذا الجهاد.
أ- الميزة الأولى : أن موضوعات الأيام الخمسة تنصب على
ما يبذله الشعب من جهاد، فى حين أن موضوعات السبوت والآحاد تنصب على نعم المخلص المتعددة التى يمنحها لهم جزاء لهذا الجهاد.
فإذا تابوا مثلاً يقبل توبتهم مثل الإبن الضال.
وإذا سمعوا الإنجيل وعملوا به روى نفوسهم كما ارتوت السامرية.
وإذا أمنوا شدد إيمانهم كما شدد قوى المخلع.
وإذا اعتمدوا أنار بصيرتهم كما استنار المولود أعمى.
ب- الميزة الثانية : هى الإرتباط الوثيق بين موضوعات السبوت وموضوعات الآحاد. فحلقات الموضوع العام فى أى أسبوع تبدأ بيوم الإثنين وتنتهى يوم الجمعة، لأن هذه الأيام الخمسة مرتبطة ببعضها، قائمة بذاتها، مستقلة عما عداها.
ثم تستأنف الكنيسة نفس الموضوع يوم السبت، ولكن بحلقة جديدة من الحلقات. فتطالب الشعب بناحية جديدة من الجهاد حتى إذا قام بها حمل إليه إنجيل الأحد ثواب المخلص له على هذا الجهاد.
على سبيل المثال قراءات الأسبوع الثالث تدور حول التوبة،
ففى يوم الإثنين الحلقة الأولى منه تدور حول الإعتراف به، يليها تبرير المعترف، ثم تعرضه للتجارب وهكذا.. أما فى يوم السبت
فإن الكنيسة تحث التائب على المغفرة لغيره، فإذا فعل ذلك قبلت توبته، كما يوضح ذلك إنجيل الأحد أى أن إنجيل السبت يمثل جهاد الشعب وإنجيل الأحد يمثل نعمة المخلص له على هذا الجهاد وهكذا فى كافة الأسابيع.
هذه هى موضوعات الصوم كما وضعتها الكنيسة، ولابد أن نلاحظ أن الإهتداء إلى هذه الموضوعات ليس بالأمر الهين، فقد يقتضى ذلك أن نبدأ بقراءة إنجيل القداس ورسالة البولس والنبوة الأولى عدة مرات لمعرفة سر الإرتباط بينها، ثم قراءة النبوات واحدة واحدة لمعرفة موضوعها الخاص، وكذلك الحال فى بقية الأناجيل والرسائل - ثم البحث فى مدى إرتباط قراءات اليوم ببعضها البعض لإستخراج الموضوع العام لقراءات هذا اليوم، ثم الموضوع العام للأسبوع الذى يربط بينها. فإذا انتهينا من الموضوعات العامة للأسابيع توصلنا إلى معرفة الموضوع العام للصوم كله.