7- هناك أمهات بديلات وغير حقيقيات:
مهما حاول الإنسان أن يختار أمهات بديلات ليحيا معهن، فلن تكون إحداهن مثل الأم الحقيقية، من هنا سُمِّيت الكنيسة القبطية الكنيسة الأم أو "أم الكنائس" أو الأصلية والأصيلة، ومهما حاول البعض إيجاد بدائل لها فإنها جميعا تفشل، مثلما حاول البعض عمل كنائس وجماعات، وداخل البيوت، والذين تركوا الكنيسة إلى جماعات أخرى ما يزالون يرون فيها الأم الحقيقية: يعمِّدون فيها ويزوّجون فيها ويصلّون على موتاهم ويحبّون زيارات الآباء لهم، وحتى الذين رفضوا الأمومة بشكل عام، وتنكّروا لها، لم ترفضهم هي في المقابل ولم تتخلَّ عن مسئوليتها عنهم، أتذكر في المقابل كيف حاول البعض تشكيك الكثيرين في الكنيسة فلم يقبلوا ودافعوا عنها مثل الأسقف إيسيذوروس.
8- مستعدة لتبني أي ابن:
في المقابل فهي مستعدة لتبني أي ابن وُجِد خارجها، تتمخض به أيضًا وتلده من جديد، وتهبه اسمها وتجعله بين أولادها، يأكل معهم ويرث أيضًا، إلى مثل ذلك أشار القديس بولس حين تكلم عن الزيتونة البرّية التي طُعِّمت في الزيتونة الحقيقية: «فإنْ كانَ قد قُطِعَ بَعضُ الأغصانِ، وأنتَ زَيتونَةٌ بَرّيَّةٌ طُعِّمتَ فيها، فصِرتَ شَريكًا في أصلِ الزَّيتونَةِ ودَسَمِها» (رومية 11: 17)، بل هي تدعو الكل مثلما أقامت وليمتها في سفر الحكمة ودعت الكل اليها. وهناك خراف أُخَر من حظائر أخرى يطلب الله أن يأتوا إلى الحظيرة الحقيقية لتكون رعية واحدة لراعٍ واحد (يوحنا 10: 16).
9- أم ولود:
وتعبير "الولود" يُقصَد به الأم التي لا تكف عن الحمل والولادة، وهو تعبير يُستَخدَم كثيرًا عندما يأتي الخدام بعد الخدام، وكذلك الكهنة والأساقفة والبطاركة، وتفرح الكنيسة بل وتسعى في تخريج دفعات الخدام والشمامسة، بل واكتساب تائبين جدد كل يوم فالله يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون، وقد طمأن الله الكنيسة والتي ادّعى البعض أنها عاقر قائلا: «ترَنَّمي أيَّتُها العاقِرُ الّتي لَمْ تلِدْ. أشيدي بالتَّرَنُّمِ أيَّتُها الّتي لَمْ تمخَضْ...» (إشعياء 54: 1)، لذلك نتعجّب عندما نجد كنيسة ليس فيها من يصلح كاهنًا أو راهبًا.
10- تبكي أولادها مثل راحيل:
راحيل التي كانت تأبى أن تتعزّى عن أولادها في السبي لأنهم ليسو بموجودين، لا تستريح الكنيسة حتى يعودوا من جديد، تزورهم وترسل إليهم وتؤكد لهم أنها في الانتظار، مثلما بكى القديس بولس على الذين أحبوا العالم وتركوه «لأنَّ كثيرينَ يَسيرونَ مِمَّنْ كُنتُ أذكُرُهُمْ لكُمْ مِرارًا، والآنَ أذكُرُهُمْ أيضًا باكيًا، وهُم أعداءُ صَليبِ المَسيحِ» (فيلبي 3: 18) ومنهم ديماس بالطبع الذي أحب العالم الحاضر.
في المقابل هناك أمهات كثيرات حوّلن بيوتهن إلى كنائس صغيرة، وكانت تلك البيوت النواة الأولى للكنيسة الكبيرة، وتحقق لأولادها بشكل ما ومن منطلق روحي كل ما أشرنا اليه من صفات في الكنيسة الأم، فهي تهتم بأرواحهم وغذائهم وأصوامهم وإنجليهم وسير القديسين..
ويتبقى السؤال: أين المسيح في كل ذلك؟
المسيح هو سر مجد الكنيسة، وكل الغنى الذي فيها هو مصدره، تمامًا مثلما يضع الزوج راتبه تحت تصرّف الأم هكذا قد وضع المسيح في كنيسته الأسرار والكهنوت، والبيت بيته والخدام له وهو الممجَّد من الآن وإلى الأبد. آمين.