آية (2): "أنت أبرع جمالًا من بني البشر. انسكبت النعمة على شفتيك لذلك باركك الله إلى الأبد."
هذا المولود من الآب أزلياً صار بشراً ولكنه أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. ليس المقصود هو جمال الجسد بل لأنه كان بلا خطية لذلك أضاف انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ لم يقل أنه أبرع جمالاً من الملائكة فهو أخذ طبيعتنا وليس طبيعة الملائكة. ولنلاحظ أن الخطية في القلب تترك بصماتها على شكل الوجه، فالغضوب والحاسد والشهواني والخبيث.. هؤلاء يظهر على وجوههم ما في قلوبهم، فتصير وجوههم بلا جمال. لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الدهر = المسيح بحسب الناسوت كان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة (لو52:2) فهو كان يمارس هذا بكونه إنساناً حقيقياً وكان هذا يظهر فيه تدريجياً. ويقال أن الله باركه بمعنى أنه يصير بركة للكنيسة أي أن ما تناله الكنيسة من بركات إلهية يكون هذا خلال الرأس وباسمه فهو أعطانا حتى جسده مأكلا حقيقيا نحيا به. والنعمة التي انسكبت على شفتيه هي تعاليمه، وكلمات الغفران للخطاة، والحب والشفقة لمن يحتاج. والبركة التي سمعها يوم العماد "هذا هو ابني الحبيب.." كانت لحساب كنيسته.
آية (3): "تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار جلالك وبهاءك."
الفَخْذ إشارة إلى جسد الرب يسوع (تك2:24+ 10:49). والسَيْفَ هو صليبه الذي حمله ليحارب به أعداء عروسته (الشياطين).. تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ فالسيف يعلق على الفخذ فعلاً ويشهره المحارب للقتال. والمسيح حمل صليبه على ظهره وكان هذا كسيف للقتال، بل سُمِّرَ عليه وكأنه متمسك به وهذه تساوي "أوثقوا الذبيحة بربط إلى قرون المذبح" (مز27:118). والحقيقة أن الذي أوثق المسيح بصليبه كانت محبته لنا. وبنفس هذا المعنى وجدنا الكبش الذي قدمه إبراهيم عوضاً عن إسحق ابنه "ممسكاً في الغابة بقرنيه" (تك13:22). والقرون إشارة للقوة، فالمسيح كان مرتبطاً بالصليب بقوة ليهزم إبليس ويحررنا. وكلٌ منا حين يحمل صليبه تابعاً المسيح دون تذمر فهو يحارب إبليس بنفس طريقة المسيح فيصير تلميذاً للمسيح.
جَلاَلَكَ وَبَهَاءَكَ = ومعركة الصليب أثبتت أنه جبار فقد سحق الشيطان وكسر شوكة الموت وفتح الجحيم (1كو18:1)، بل الكرازة بالصليب صارت كسيف (مت34:10). وكلمة الله صارت سيف ذو حدين (عب12:4 + أف17:6) فهي سيف يقطع حركات الشهوة وأهواء النفس التي يثيرها فينا عدو الخير حتى الآن. والمسيح في معركته كان يبدو أمام الناس كضعيف ولكنه كان جباراً وفي جلال، فلقد إظلمت الشمس والقبور تفتحت فآمن الجندي الوثني من جلال المصلوب.