علي أن هناك مبالغات من نوع آخر: مثال ذلك نفاق حملة المحفات أيام الفراعنة: حينما كانوا يحملون فرعونا علي محفة. فينشدون له قائلين: إن وزن المحفة وهو عليها أخف من وزنها لوحدها!! أو قول الشاعر في ذم العبيد:
لا تشتر العبد إلا والعصا معه .. إن العبيد لأنجاس مناكيد ولا شك أنه غير صادق في هذا الذم. لأن التاريخ قدم لنا أمثلة من عبيد كانوا في منتهي الإخلاص. حتي أن سادتهم تركوا في أيديهم كل شيء. واثقين من أمانتهم.
***
هناك مبالغة أخري. لا تخلو من الكذب: منها المبالغات التي يلجأ اليها التجار في الدعاية إلي ما يريدون بيعه. فيصفونه ربما بما ليس فيه المزايا. بقصد تشويق الشاري لاقتنائه. وغالبا لا تخلو أوصافهم من المبالغة. ونفس الأمر ينطبق علي الدعاية لأمور عديدة. ويختارون لذلك موظفين مشهورين باسم PROPAGANDISTS يعملون في البروباجندا ومنهم الكثيرون ممن يقومون بالاعلانات. وربما يكون كلامهم صحيحاً. ولكنه يشتمل علي شيء من المبالغة. وتشمل المبالغة أيضاً الدعاية في الانتخابات علي أنواعها:
حيث يصورون المرشح. أو يصور المرشح نفسه. بأنه هدية الله لهذا الجيل! وأنه علي يديه سيتم كل إصلاح يرجوه الناخبون! كل ذلك بمبالغة بعيدة كثيرا عن الواقع. وربما بعد أن يتم انتخابه. يظهر أن تلك الدعاية لم تكن تعبر عن الأمل المرجو.
***
تأتي أيضاً المبالغات في نشر الأخبار: سواء بطريقة ايجابية أو سلبية. أي نشر الخبر بمانشتات عريضة أو بخط أحمر. أو نشر الخبر بطريقة لا تظهره وفي الحالتين لون من المبالغة من جهة إظهار أهمية الخبر أو عدم أهميته. حسب سياسة الجريدة أو المجلة التي تنشر. يضاف إلي هذا الأمر: التعليق علي الخبر. تأييدا له أو معارضة أو تجاهلا..!
وقد تظهر المبالغة في نوع الإثارة التي تنشر بها الأخبار:
فقد توضع بعض الأخبار تحت عنوان "مذبحة مروعة" أو "فضيحة كبري" أو "تحقيقات خطيرة" أو "أسرار مثيرة"... وما أكثر ما وصفت بعض الأحداث بأنها جرائم. ثم حكم عليها القضاء بالبراءة!! وربما ما ينشر في جريدة معينة. يكون غير ما تنشره جريدة أخري. سواء بالمبالغة في النشر. أو المبالغة في التقليل من قيمة الخبر. وعلي القارئ أن يكون حكيما في الحكم علي هذا أو ذاك.
***
نفس المبالغة قد تكون في التقارير أو الشائعات... ما بين سياسة التهويل. أوسياسة التهوين!! مبالغة في خطورة التقرير وخطورة الشائعة. أو مبالغة في الاستهانة بهذه أو تلك.. وربما التهويل في التقارير. تتبعها تحقيقات وإجراءات إدارية حازمة. وينتهي الأمر إلي لا شيء! ولكنها المبالغة التي علي رأي المثل "تجعل من الحبة قبة"..
أما المبالغة في التهوين من أمر معين. قد تنتج عنه فيما بعد نتائج خطيرة لم يعمل لها حساب.
بينما الدقة في التقارير. وفي نقل الأخبار ونشرها. تكون وسيلة لتقديم الحق خالصاً بعيداً عن كل لون من المبالغة..