والذى يحب الخير، ويحب الغير، ويحب الخير للغير، انما يفعل الخير مع كل أحد، من أى جنس أو لون أو مذهب.
انه يتعامل مع كل احد كأخ له فى الأنسانية فكلنا أخوة، من اب واحد هو آدم، ومن أم واحدة هى حواء.. وقد امرنا الله. تبارك اسمه ان نحب بعضنا بعضا، وان يعمل كل منا الخير مع اخيه الأنسان، بغير تحيز أو تميز.. هذا من الناحية الأيجابية. أما من الناحية السلبية فلا يجوز لأحد ان يحمل فى قلبه حقدا أو كراهية على غيره من البشر، لأن القلب الصالح لا تجتمع فيه المحبة والبغضة معا !
****
ان الحب هو الطبيعة التى خلق بها الأنسان. أما الكراهية فدخيلة عليه والانحراف عن المحبة، هو أمر لا يتفق مع الصالح العام، ولا مع السلام الأجتماعى، كما لا يتفق مع مشيئة الله.
بل حتى السلام مع الحيوان، كان هو السائد مع الانسان الأول ايام ابينا آدم، وكذلك فى الفلك ايام ابينا نوح. ثم تطورت الأمور، لما عرف الأنسان الصيد، وبالتالى دخل الأفتراس فى طبيعة بعض الحيوان!
وللأسف، فإن البشرية بمرور الوقت لم تستطع ان تحتفظ بالحب حتى بين افراد الأسرة الواحدة، وهكذا هابيل قتله أخوه. وبتوالى القتل، عم القتال وتحول إلى حروب اصبح بعضها مدمرا وواسع النطاق.
****
وتتابعت مأساة فقدان الحب فى تاريخ البشرية. وتشوهت صورة البشرية، وخرجت من اطارها الروحى المقدس الذى احاطها الرب به!!
وكثرت قصص العداوة والبغضاء والخصومة، وقصص الحسد وتصادم الاغراض، والتنافس على الرزق وعلى السلطة والمناصب. وكثر النزاع واشتعلت الحروب. واكتست الأرض بدماء بريئة ودماء غير بريئة. واصبح الأخ يعتدى على أخيه، والأخ يخاف أخاه، حتى قال الشاعر:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب اذ عوى شئ وصوت انسان فكدت اطير.
****
وكان لابد من معالجة الحال، ومن اعادة المحبة بين الناس
كما كان يلزم تقديم قدوة عملية للناس، ومعالجة الأسباب التى اوصلت البشرية إلى التخاصم والعداوة والقسوة وسفك الدماء، مع العمل على ترميم بناء المحبة الذى تصدع احيانا وانهار.فوضع الله. جل جلاله.
وصايا للبشر تحث على السلام والمودة والتعاون والتفاهم، وعلى حسن التعامل مع الغير، وتنقية القلب من البغضة، والأرتقاء به إلى مشاعرالحب.
والحب هو القمة التى تصل اليها المشاعر البشرية
والحب هو المقياس الذى تقاس به انسانية البشر، أما القسوة فهى الدليل على ما وصلت الية الطبيعة البشرية من الوحشية.
وهكذا كل خير نفعله، ان كان خاليا من الحب. حب الخير وحب الغير.
فإن الله لا يعتبره خيرا على الأطلاق. على ان لهذا الحب قواعد ينبغى ان نعرفها، لحكيما يكون حنبا سليما ومقبولا.
****
أولا: ان تكون محبتنا للناس، داخل محبتنا للخير، فلا تتعارض معها فالأم التى تحب ابنها بأن تدلله تدليلا يفسده، أو ان تغطى على اخطائه بحيث لا يعرفها ابوه، لا تكون محبتها حقيقية ولا نافعة.
والصديق الذى يحب صديقه، بحيث يجامله فى كل خطأ. ويخشى أن يقدم له نصيحة مخلصة لئلا يجرح شعوره هذا لا يحبه بالحقيقة
لذلك ايضا، فالأب الذى يحب ابنه يؤدبه. وان لم يؤدبه فهو لا يحبه.
****
شرط آخر للحب، ان يكون عملياً:
فلا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق، فمحبتنا للناس تظهر عمليا فى معاملتنا لهم. فى اخلاصنا لهم، ومشاركتنا الوجدانية. ووقوفنا معهم فى وقت الشدة، وانقاذنا لهم من متاعبهم. ومحبتنا للفقراء تظهر فى عطفنا عليهم، واعطائهم ما يلزمهم، وليست فى مجرد كلام العطف أو الدعاء.
وهكذا ارتبط الحب عموما بالعطاء والبذل
والحب الباذل يصل إلى قمته فى بذل الذات، وبالعطاء من الأعواز، وبالأستعداد للتضحية والفداء إذا لزم الأمر.
****
ومن شروط المحبة ايضا، ان تكون طاهرة، وصادقة:
فليست محبة حقيقية: ان شابا يحب فتاة فيفسد عفتها، ويضيع ابديتها، ويفقدها سمعتها فى المجتمع الذى تعيش فيه.. مثل هذا الشاب انما يهتم باشباع شهواته، ولا يهتم بالفتاة وصالحها. وقد قلت مرة فى الفارق بين الحب والشهوة" إن الحب يريد دائما ان يعطى أما الشهوة فتريد دائما ان تأخذ".
ومن جهة المحبة الصادقة، ينبغى ان تكون باخلاص بعيدة عن الرياء وعن الملق. وان يسعى الشخص على رفع مستوى من يحبه، ولا يشاركه فى خطأ ما.
****
ومحبة الناس لها مجالات عديدة:
منها محبة الأبوة والأمومة، ومحبة البنوة والأخوة، ومحبة الأزواج ومحبة الأصدقاء، ومحبة العشيرة، ومحبة الوطن، ومحبة المجتمع عموما.
وتوجد المحبة العامة التى تشمل العالم اجمع. وما اكثر الهيئات العالمية التى تعمل فى نطاق الخير والأغاثة والأنقاذ لأى شعب على وجه الأرض.
نوع آخر من المحبة، يظهر فى محبة الغرباء، واضافة الغرباء والأهتمام بهم.
وترتفع المحبة إلى اعلى قممها، فتصل إلى محبة الأعداء.
وقد يقول البعض ومن الصعب على ان احب عدوى فماذا افعل؟
اقول لك: على الاقل لا تبغضه، ولا تحقد عليه؛ ولا تنتقم منه، ولا تقابل الاساءة بالاساءة، وليتك تنسى اساءته وتسامحه، وتصلى من أجله ان يصلحه الله ويقوده إلى التوبة ويغفر له. وهكذا تصل إلى محبته.