موضوع: كلمة قداسة البابا شنوده الثالث الإثنين ديسمبر 26, 2011 12:46 pm
في قداس عيد الميلاد 6-1- 2011
أبنائي وإخوتي الأحباء أهنئكم بعيد الميلاد المجيد طالباً لكم حياة مباركة، مقدسة، ثابتة في الرب. ولكن قبل أن أهنئكم أود أولاً أن أعزي أبناءنا في الإسكندرية وفي بلاد عديدة من جهة استشهاد عدد كبير أبرياء لا ذنب لهم كما أعزي أيضاً أولادنا في نجع حمادي إذ قد مرت سنة على استشهاد أشخاص منهم. وإن كان المجوس قد قدموا للسيد المسيح في يوم ميلاده ذهباً ولباناً ومراً فإننا نقدم له أيضاً هذه الأنفس الغالية علينا التي صعدت إليه. وهنا أذكر قول السيد الرئيس مبارك: "إن دماء أبنائنا ليست رخيصة". أشكره على هذه العبارة، وأشكره أيضاً على تهنئته لنا بالعيد وعلى تعزيته لنا أيضاً في المكالمة التي كانت بيني وبينه صباح هذا اليوم. شكراً للسيد الرئيس من أعماق قلوبنا لأنه جعل عيد الميلاد عيداً وطنياً لجميع المصريين.. أما الآن فأذكر لكم تأملاتنا في عيد الميلاد: لقد جاء السيد المسيح إلى الأرض لكي يبشر بالحب وينشر الحب في أرجاء العالم وصدق أمير الشعراء أحمد شوقي حينما قال: "ولد الحب يوم مولد عيسى".. هو ينشر الحب، وهو أيضاً كان حباً متحركاً أينما حل. كل من اتصل به نال نصيباً من حبه ومن عطفه ومن رقته وإشفاقه. وهكذا قيل عنه إنه "كان يجول يصنع خيراً"، ونص الآية هو: "الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا" (سفر أعمال الرسل 10: 38). يمر على المرضى فيشفيهم، وعلى الحزانى فيعزيهم، وأيضاً يدعو الجميع إلى أنهم يطعموا الجوعانين ويكسون العرايا ويهتموا بالغرباء ويزوروا المساجين فلما قالوا له: "متى يا رب رأينا هذا" قال لهم: مهما فعلتموه بأحد هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم، ونص الآيات هو: "تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ".. (إنجيل متى 25: 34-40). كان حباً يتمشى وسط الناس وأيضاً كان يهتم بالطوائف التي كانت مستبعدة من اليهود كالسامريين والأمم. فالسامريون مثلاً، كان إذا وقع ظل واحد منهم على يهودي كان ينجسه أو يعتبرون كذلك. فكانت النتيجة أن السيد المسيح احتضن هؤلاء أيضاً بمحبته، وذكر لهم مثل السامري الصالح وكيف أنه كان أكثر نبلاً من الكهنة ومن اللاويين. وكذلك الأمم الذين كانوا مكروهين من اليهود قال السيد المسيح عن أحدهم (قائد المائة) لم أجد في إسرائيل كله إيماناً مثل إيمان هذا الرجل. لم يكتفي فقط أن يكون حباً يتمشى وسط الناس. إنما أيضاً دعاهم أن يعبدوا الله باعتباره هو الحب أيضاً. الله محبة وقال لهم إن الوصية الأولى في الناموس أي في الشريعة هي: "تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ" (سفر التثنية 6: 5؛ سفر التثنية 10: 12؛ سفر التثنية 30: 6؛ سفر يشوع 22: 5؛ إنجيل متى 22: 37؛ إنجيل مرقس 12: 30؛ إنجيل لوقا 10: 27) و"تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ" (سفر اللاويين 19: 18؛ إنجيل متى 22: 39؛ إنجيل مرقس 12: 31؛ إنجيل لوقا 10: 27؛ رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 13: 9؛ رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 5: 14؛ رسالة يعقوب 2: . وعبارة قريبك تعني أخاك في البشرية فكلنا أقرباء. كلنا أبناء أب واحد هو آدم وأم واحدة هي حواء. "حب قريبك" أي تحب كل البشر. علمنا أن "الله محبة" والله من أجل محبته للبشر أوجدهم وخلقهم. وهو الذي يرعى الكل ويهتم بالكل ويحفظ الكل ويعتني به. ولذلك علينا نحن أيضاً أن نحب الله الذي أحبنا. نحبه بأن نطيعه ونحفظ وصاياه وننفذ مشيئته الإلهية على الأرض. لا نخطئ إليه ولا نخطئ إلى أي أحد من البشر. وهكذا علمنا السيد المسيح أننا نحب الخير ونحب الغير. نحب الخير أي نعيش في حياة الفضيلة والبر. عن محبة وليس عن اضطرار ولاعن أمر ننفذه، إنما نحب الخير. وكذلك نحب الغير أياً كان. نحب الناس جميعاً من الناحية السلبية لا نؤذي أحداً ولا نحسد أحداً، ولا نُتْعِب أحداً. ومن الناحية الإيجابية نحب الناس بأن نعمل من أجلهم كل ما نستطيعه من خير. وهنا يبدو العطاء كفضيلة هامة أن الإنسان من محبته للغير يعطي. ويعطي من قلبه ويعطي بصفة دائمة ويستمر في العطاء حتى البذل ويصل في البذل إلى بذل الذات. مبارك الرب الذي علَّمنا الحب، وعلَّمنا أن نحب جميع الناس.. وبالحب يعيش الناس جميعاً في سلام، لا يُخطئ فيهم أحدٍ إلى غيره. وهنا أعود وأشكر السيد الرئيس مرة أخرى، كما أشكر أيضاً كل الحاضرين معنا من الوزراء والسفراء والنقباء ورجال الدولة، وأيضاً الحرس الذي قام بواجب كبير في هذا اليوم، كما نشكر أيضاً على الإفراج عن الإخوة الذين كانوا مُحتجزين. ولله المجد الدائم إلى الأبد آمين