الخطايا الأمهات هي خطايا كبيرة تلد العديد من الخطايا. بحيث لو انتصرنا علي الخطية الأم.
لأمكن أن ننتصر بالتالي علي ما يجوز أن تلده من خطايا.
فما هي هذه الخطايا الأمهات؟ وما هي أولاد كل منها؟
الذات
الذات هي من أشهر الخطايا الأمهات. والإنسان المتمركز حول ذاته. ما أسهل وقوعه في
الكثير من الخطايا.. لذلك كان من أهم الفضائل التي تقي من ذلك:
فضيلة إنكار الذات.
الانسان - بسبب الاهتمام بالذات - قد يقع في الإعجاب بالذات. وفي محبة المديح. والرغبة في أولوية ذاته. وفي محاولة تغطية الذات زورا في كل خطأ والدفاع عنها. بل يقع أيضا في إشباع الذات. وسهل أن يصل إلي عبادة الذات!!
***
والذي يهتم بأولوية ذاته. وتفضيلها علي الآخرين:
هذا يفقد الإتضاع. ويحب المتكآت الاولي في كافةالإجتماعات ولا يستطيع مطلقا أن يكتسب الفضيلة التي تقول "مقدمين بعضكم بعضا في الكرامة. بل هو يزاحم الناس وينافسهم في كل مكان. وحول كل مكانة. ويحاول أن ينزعهم من مراكزهم. لكي يحل هو فيها. كذلك قد يقاطع غيره في الكلام. ليتكلم هو!
وقد يجره كل هذا إلي الإساءة الي كل من يعترض طريقه. أو من يظن أنه منافس له. أو من يتحدث الناس عنه بالخير أكثر منه. ويقع في إدانة هؤلاء والحط من قدرهم.
إن محبته لأولوية ذاته. توقعه بلا شك في الغيرة والحسد. وفي كل نتائج هاتين الخطيتين..
***
ومحبته لذاته تجعله يبرر ذاته في كل أخطائها. ولا يقبل نقدا يوجه اليه. وقد يثور ويغضب لمجرد ملاحظة قيلت عن تصرفاته. وربما في دفاعه عن نفسه. يلصق الخطأ بغيره ظلما وإدعاء. وفي دفاعه عن نفسه. قد يجره ذلك الي الكذب لكي يظهر بريئا. وقد ينتحل أعذارا هي جانبية جدا وليست السبب الحقيقي الذي يستند إليه في عذره. كما قد تكون مختلقة!
وهكذا فإنه في تبريره لذاته - الذي هو جزء من محبة الذات - يقع في خطايا كثيرة..
وتصبح المناقشة مع مثل هذا الشخص متعبة للأعصاب. لأنه لا يهدف إلي إظهار الحق. إنما الي إظهار برّه هو. والتغطية علي نفسه.. وهكذا يلجأ الي الملاججة. أو بالتعبير العامي الي "المقاوحة". أو إلصاق العيب بغيره. أو بالمجتمع كله. أو بالأنظمة الموضوعة..
***
وإن كان من مظاهر الاهتمام بالذات. الرغبة في إشباع الذات.. فما أسهل أن يشبعها بطرق خاطئة : مادية أو جسدية!
وهكذا يقع في محبة العالم وشهواته. ويتشبه بذلك الذي قال: "... ومهما اشتهته عيناي. لم أمسكه عنهما"!!
كذلك يقع في شهوة المال. وشهوة المقتنيات. وفي شهوة الجسد. وكل هذه الشهوات قد تجره الي طرق خاطئة عديدة للحصول عليها. منها التحايل. ومنها الطمع. ومنها الخروج علي القانون وعلي العرف وكل مبادئ القيم والأخلاق..
وتكون طريقة إشباعه لذاته خطية. ووسائل الوصول إلي هذا الإشباع خطايا اخري. وفي كل ذلك يفقد روحياته..
***
والذي يريد أن يشبع ذاته. عمليا سوف لا يشبع..!
وكما قال سليمان الحكيم "العين لا تشبع من النظر. والأذن لا تمتلئ من السمع" كل الأنهار تجري إلي البحر. والبحر ليس بملآن". وبهذا يكون الشخص الذي يهدف إلي إشباع ذاته. إنما يقضي عمره في تعب باطل. لأنه لا يلجأ في محاولة إشباع الذات الي طرق روحية سليمة.. فمن يشرب من هذا الماء. يعطش أيضا. وإذ يعطش. يشرب مرة أخري.. وهكذا الي غير نهاية..!!
وإن أراد أن يشبع نفسه بشئ عند غيره. يقع إما في الحسد. أو في الغيرة. أو في التحايل. أو في الفساد
إن امرأة سيدنا يوسف الصديق: أرادت أن تشبع ذاتها بطريقة خاطئة لم يوافق عليها يوسف. فلجأت الي الكذب والادعاء. وإلصاق تهمة ظالمة بذلك الرجل البار جرّت عليه مشاكل متعددة.
والذي - في سبيل إشباع ذاته - يقع في الحسد. ما أسهل أن يجره الحسد إلي جرائم كثيرة في سبيل التخلص من المحسود. أو من أجل الحصول علي ما يحسده عليه.
***
والذي يحب ذاته. وإشباعها بطريقة خاطئة في تحقيق شهواتها..
هذا قد يصطدم بالله نفسه. مادام يري أن وصايا الله تقف ضد شهواته هو!
وهكذا كان الفكر الوجودي الملحد الذي ينادي بأنه "من الأفضل أن الله لا يوجد. لكي أوجد أنا"!!
بهذا الفكر رفض الوجوديون وجود الله. وأضلوا كثيرين.. كذلك لا شك أن الذي يحب إشباع ذلك. يرفض مبدأ "ضبط النفس" الذي يدعو إليه الدين. وتدعو إليه مبادئ الأخلاق وعلم الاجتماع. ويفضل أن يعيش في حياة اللهو والمتعة واللذة. بكل ما تحمل من خطايا لا داعي لذكرها..
،، البقية غداً ،، بمشيئة الرب