موضوع: كمالة كتاب القديس القوي الأنبا موسى الأسود - الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا 3- الفصل الثاني: بداياته في الرهبنة الأحد يوليو 13, 2014 4:38 pm
سأل أخوة شيخًا: ”عندما ازدرى بعض الإخوة بأنبا موسى الأسود سألوه قائلين: ’أَما تسجّس قلبك يا أبانا‘؟ فأجابهم: ’لقد تسجّس ولكنني لم أتكلم‘، فما معنى ذلك“؟ قال الشيخ: ”إنّ كمال الرهبان يتكون من جزءين: عدم التسجُّس بحواس الجسد، وعدم التسجُّس بحواس النفس. عدم التسجُّس بالجسد هو عندما يُشتَم الإنسان ويكبح جماح نفسه لأجل الله ولا يتكلم حتى ولو اضطرب، أما عدم التسجُّس بالنفس فيكون عندما تُساء معاملة الإنسان ويُشتَم ومع ذلك لا يغضب في قلبه. وذلك مثل القديس يوحنا القصير، لأنه حدث مرةً عندما كان الإخوة جالسين معه مرَّ عليه رجلٌ وعيَّره ولكنه لم يغضب ولا تغيَّر منظره، فسأله الإخوة: ’أَلم تضطرب في داخل قلبك يا أبانا عندما أُهِنتَ بهذه الطريقة‘؟ فأجابهم: ’لم أضطرب في داخلي، فأنا هادئ في داخلي كما ترونني من الخارج تمامًا‘. وهذا هو عدم التسجُّس الكامل“.
”وأنبا موسى لم يكن قد بلغ حتى هذا الوقت إلى هذه الدرجة من الكمال، وقد اعترف بأنه رغم عدم اضطرابه من الخارج إلاّ أنه كان هناك نزاعٌ في قلبه واحتفظ بصمته ولم يغضب من الخارج، وحتى هذه كانت فضيلة روحية، ولو كان لم يغضب داخليًا أو خارجيًا لكان ذلك أكثر كمالًا“.
”والقديس نيلوس السينائي عمل مقارنةً بين هذين المقدارين من الفضيلة في حالتي المباركين موسى النبي وأخيه هارون: حيث إنّ طقس تغطية الصدر والقلب بالصُدرة الكهنوتية الذي كان يُجريه هارون عند دخوله قدس الأقداس كان يمثل حالة الإنسان الذي رغم غضبه في قلبه فهو يُقمع هذا الغضب بالصراع والصلاة، أما حالة الإنسان الذي ليس في قلبه أي غضب إطلاقًا، لأنه بلغ إلى الكمال بنصرته على الأوجاع والشياطين، فيقارنها القديس نيلوس بما قيل عن موسى النبي، وذلك بقوله: ’قدّم موسى النبي الصدر كذبيحة لأن النفس تسكن في القلب والقلب في الصدر‘“.
”وسليمان الحكيم يقول: "الحكماء يصرفون الغضب" (أمثال 29: ، ويقول الكتاب بخصوص هارون: »اصنع ثيابًا مقدسة لهارون أخيك للمجد والبهاء، وتكلِّم جميع حكماء القلوب الذين ملأتُهم روح حكمةٍ أن يصنعوا ثياب هارون لتقديسه ليكهن لي .. صُدرة ورداء و.. إلخ، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وتجعل في صُدرة القضاء الأوريم والتُميم (أي الأنوار والكمالات) لتكون على قلب هارون عند دخوله أمام الرب« (خروج 28: 2-4 و30). وهذا يعلِّمنا نحن الرهبان أنه من اللائق لنا أن نغطِّي على غضب القلب بأفكارٍ طيبةٍ متضعةٍ هادئةٍ، وأن لا نسمح للغضب أن يصعد إلى الحنجرة حيث يفضح اللسان نتانة هذا الغضب“.
”كما أن الراهب عليه أن يستأصل الغضب من قلبه، بل ويطلب المغفرة لمن يُغضبه كما فعل الطوباوي موسى النبي عندما احتقرته مريم أخته“
كمالة كتاب القديس القوي الأنبا موسى الأسود - الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا 3- الفصل الثاني: بداياته في الرهبنة